كتاب كنز الكتاب ومنتخب الأدب (اسم الجزء: 2)

وفي الحديث، فيما روى مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم لما مات، كُفنَ في ثلاثة أثواب بيضٍ سُحُوليَّةٍ، ليس فيها قَميصٌ ولا عمامة.
وقد اختلف أهل العلم في كَفَنِهِ صلى الله عليه وسلم. فروى هشام، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة قال: كُفِنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربطتين، وثوب نَجْرَانِي. وعن ابن
عباس أنه قال: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء، وقميصه الذي مات فيه. وعن
جعفر ابن محمد، عن أبيه، أنه كفن في ثوبين صَحَارِيَيْن وثوب حبرة.
قال: والصُّحْرَةُ، حُمْرَةٌ خفية الغُبْرَة. يقال: ثَوْبٌ أَصْحَرَ، وَصُحَارِيّ. ومُلاَءةٌ صَحْراء وصَحَارِيَّه.
وقال بعض أهل اللغة: الأصْحَرُ ما كان لونه لون الصَّحْراء من الأرض.
وقال الأصمعي: الأصْحَرُ قريبٌ من الأصْهَب ويقال: إن الصُّحَاريّ منسوب الى صُحَار: وهي قرية
باليمن. وروى معمر عن الزهري، عن أبي سلمة: أن أبا بكر أتى النبي صلى الله عليه وسلم في
البيت الذي توفي فيه؛ فكشف عن وجهه بُرْدَ حِبَرَة، ثم أكب عليه فقبله.
قال أبو سليمان الخطابي: وأصحِّ هذه الأخبار حديث عائشة؛ لأنها أَعْلمُ بباطن أمره. إذ كان حجب
عنه الناس، ووليه نساؤه، وأهل بيته. وقد مات صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة وفي حِجْرِها،
ودفن في حُجْرَتِها

الصفحة 564