كتاب كنز الكتاب ومنتخب الأدب (اسم الجزء: 2)

وكَأَنَّ جُنْحَ اللَّيْلِ طرْفٌ أَدْهمٌ ... متَضَمِّنٌ من صُبحه تحجيلا
وما أحسن قول ابن المعتز في هذا المعنى وهو:
فَإنْ شئتُ غادَتْني السُّقَاةُ بكَأسها ... وقد فتح الإِصْبَاحُ في ليلهِ فَما
فَخلتُ الدُّجَى والليلُ قد مدَّ خَيْطهُ ... رداءً مُوَشّىً بالكَواكبِ مُعْلماَ
وفي هذا المعنى من قول ابن المعتز؛ أنشد أبو بكر ابن دريد، عن عبد الرحمان، عن عمه، عبد
الملك الأصمعي لرجل من العرب:
كَأَنَّ بَقَايَا الليل في أخريَاته ... مُلاَءٌ تُنَقَّى من طَيَالِسَةٍ خُضْرِ
تَخَالُ بَقَايَاهُالتي أَسْأَر الدجى ... تَمُدُّ وشيعاً فَوْقَ أَرْدِيةِ الفَجْرِ
شبهها بالوشيع، لما تراءى في خلاله، من خيوط بياض وسواد
قال: وَلِهَذَيْنِ البَيْتَيْن، خبرٌ عجيب، ونبأٌ غريب، يَجْنَحُ لسماعه كل أديب. ويُستَحْسَن موقعه في
القلوب. حكاه أبو علي البغدادي عن أبي بكر بن دريد، عن أبي حاتم، وعبد الرحمان، ابني أخي
الأصمعي عن الأصمعي.
قال: نزلت بقوم من غَنِيٍّ مجتورين، هم وقبائل من بني عامر بن صعصعة فحضرتُ ناديا لهم،
وفيهم شيخ طويل الصمت، عالم بالشعر وأيام الناس. يجتمع إليه فتيانهم، ينشدونه أشعارهم. فإذا سمع
الشعر الجيد، قرع الأرض قرعة، بمحجن في يده، فَيَنْفذُ حكمهُ على من حضر، بِبَكْرٍ للمنشد. وإذا
سمع ما لا يعجبه، قرع رأسه بمحجنه، فينفذ حكمه عليه، بشاة، إن كان ذا غنم، وابن مخاض، إن كان
ذا إبل فإذا أُخِذَ ذلك، ذبح لأهل النَّادي.
فحضرتهم

الصفحة 568