كتاب كنز الكتاب ومنتخب الأدب (اسم الجزء: 2)

لي، وما كان من حلق رأسي،
ولحيتي، بعد ضربي. وقلت: أرعى في الأجر وردديه علي فقالت: وحق القبر، ومن فيه، لارددته
عليك الا بدرهمين، فأخذت جَلَمي، فرهنته على درهمين، دفعتهما إليها. فحدرت الجرة عن رأسها،
وفعلت كما فعلت بالأمس، واندفعت تغني؛ فَسَاعة مَرَّت في الصوت، قلت لها: رُدِّي عليّ الدرهمين،
لا حاجة بي في غنائك.
فقالت: والله، لا تراهما، ولا تطمع في ردهما إليك أبدا ثم قالت: كأني بك، وقد أخذت مكان الأربعة
دراهم، أربعة آلاف دينار من الخليفة. ثم جعلت تغنيه، وتوقع على جرتها، وتردده عليّ، حتى رسخ
في قلبي ثم مضت عني، وانصرفت إلى مولاي حَذِراً، وَجِلاً منه. فلما رآني، قال: هلم خراجك،
فلويته لساني، فقال: يا ابن اللخناء! ألم يكفك ما مر عليك في أمسك؟ فقلت: أصدقك ولا أكذبك. إني
اشتريت بخراجي، أمس واليوم، هذا الصوت، ثم اندفعت أغني، فقال لي: ويحك معك مثل هذا
الصوت، منذ يومين، ولم تعلمني، امرأته طالق، لو كان يملك شيئا سواك لأعتقتك وأما حلق الرأس
واللحية فلا حيلة لي فيهما، وأما خراجك، فقد وهبه الله لك إلى أن ينبت شعرك. قال: واستضحك
الرشيد، وقال له: ما أدري أيها أحسن، أحديثك أم غناؤك؟ وقد أمرت لك بما حكمت به السوداء. ولم
يبرح من مجلسه، حتى قبض الأربعة آلاف دينار.
قال: وكان الشعر المذكور:

الصفحة 587