كتاب كنز الكتاب ومنتخب الأدب (اسم الجزء: 2)

قف بالمنازل ساعة فتأمل ... هل بالديار لزائر من منزل
مَا بالدِّيار منَ البِلَى وَلَقَد أرى ... أن سوف يحملني البِلى في مَحْمَلِ
وحكى بعض الوزراء بإشبيلية، قال: خرج المعتمد في بعض الأيام، يريد (لورقة) ليتطلع على
أحوالها، ويتفقد جميع أعمالها. فاشتد وجده بمن كان يهوى، وتحقق أنه على البعد ليس يقوى. وألم به
شغفه وهيامه، وغلب على قلبه غرامه فوصل (لورقة) ليلا، واستدعى القائد أبا عيسى بن اليَسَع في
ساعة لم يخف فيها زائر من مراقب، ولم يبد في الأفق غير نجم ثاقب فَريعَ القائد أبو عيسى لذلك،
وجَزِعَ جَزَعاً شديدا هنالك، حتى ودع من تَخَلَّف؛ وَأَوصى بِمَا خَلَّف، وسار إلى المعتمد فوصل، وما
للأمن إلى قلبه وُصول، وهو يتخيل أن الجوّ صَارمٌ وَنُصُول. فلما مَثُلَ بين يديه، وسَلَّم عليه، قرَّبَه
المعتمد وآنسه، وسكَّن رعبه وتوَجُّسَه،

الصفحة 588