كتاب كنز الكتاب ومنتخب الأدب (اسم الجزء: 2)

وأخذا في الحديث ساعة. وليس للمعتمد في كتمان حاله استطاعة
فقال للقائد: خرجت من (اشبيلية)؛ فحدث في النفس غرام طوته ضلوعي؛ وكفكفت به غَرْب دموعي
بفتاة هي الشمس، أو كالشمس إخالها: لا يجول قُلْبُها ولا خلخالها. وفيها أقول عند وداعها، يوم تفطر
كبدي وانصداعها:
ولما التقينا للوداع غديةً ... وَقَدْ خَفَقَتْ في ساحة القصر راياتُ
بكينا معاًً حتى كأن عيوننا ... بِجَرْي الدموع الحُمرمنها جِراحاتُ
وقد زارتني هذه الليلة في مضجعي؛ وأبرأتني من توجعي وأمكنتني من عناقها، وبردت كبدي من
إحراقها لما سقتني سلسال رُضابها ومتعتني من دلالها وخضابها. فقلت:
أبَاحَ لَطيفي طَيْفُها الخَدَّ والنَّهْدَا ... فعض بها تفاحةً وجنى وردا
ولو قدرت زارت على حال يَقْظةٍ ... ولكنْ حِجَابُ البَيْنِ ما بيْنَنَا مدَّا
أَمَا وَجَدَتْ عَنَّا الشُّجُون ُمُعَرَّجا ... وَلاَ وَجَدَتْ منا خَطوبُ النَّوَى بُدَّا

الصفحة 589