كتاب رسالة في حقيقة التأويل

فنجد المعنى المتبادر أن كل آية منها تشبه الأخرى، وهذا عام في آيات القرآن كلها، كما قال تعالى: {كتابا متشابها}.
فإن قيل: إن هناك وجها تتشابه فيه الآيات التي يكون فيها ما يتوهم خللا مختصة به، وهو توهم الخلل في كل آية منها.
قلت: ولكن هذا لا يكفي لتخصيصها بلفظ: {متشابهات}، فإن المحكمات أيضا فيها وجه تتشابه فيه، وهو خاص بها، وهو أنه ليس في كل منها خلل، ولا ما يتوهم خللا.
ويمكن أن يقال: كل آية من المتشابهات في نفسها، على أن يكون المعنى: متشابهات معانيها، أي: يتشابه فيها معنيان، أو معان، كما يقال: اشتبه علي الأمر، أي: اشتبه صوابه بخطئه، ويقال: اشتبه علي الأمران، أي لم تميز بينهما.
فإن قلت: ولكنه لا يقال: تشابه علي الأمر!
قلت: لا أستحضر شاهدا لذلك، ولكن "اشتبه" و "تشابه" بمعنى، قال تعالى: {مشتبها وغير متشابه}
وقد قال المولد:
رق الزجاج وراقت الخمر ... تشابها فتشاكل الأمر

الصفحة 83