كتاب شرح العقيدة السفارينية

إجماع الصحابة في ذلك لكان نقله للإجماع صحيحا.
فالحاصل أن كلا المعنيين متلازمان يعني أنه إذا عطل الله عما يجب له فقد عطل النصوص عما دلت عليه.
فأهل التعطيل يعطلون النصوص عن مدلولها، ويخلون الله عز وجل عما يتصف به مما تقتضيه هذه النصوص، وأهل السنة يتبرؤون من ذلك.
وإنما قال المؤلف رحمه الله: (بالتنزيه من غير تعطيل) لان المعطلة الذين أنكروا صفات الله، أو أنكروا بعضها، أو أنكروا الأسماء والصفات، أيضا يقولون: أنهم ينزهون الله، ويدعون أنهم منزهون لله، فيقولون: إن إثبات هذه الصفات يقتضي التشبيه، والله منزه عن المشابهة، فإذا يجب أن ننكر هذه الصفات، والغالون قالوا: يجب أن ننكر حتى الأسماء، لان إثبات الأسماء على زعمهم ينافي تنزيه الله سبحانه وتعالى، حيث أنه يقتضي التشبيه عندهم.
أما أهل السنة فينزهون الله عن النقص، ولا يعطلون النصوص الواردة في إثبات الصفات.
قال: (ولا تشبيه) يعني أنهم لا يشبهون الله بخلقه، ومراد المؤلف رحمه الله بالتشبيه: التمثيل، ولهذا لو عبر به لكان أولى، فلو عبر بدلا عن قوله: (ولا تشبيه) بقوله: ولا تمثيل، لكان أولى من وجوه ثلاثة:
الوجه الأول: أن الذي جاء به القرآن والسنة نفي التمثيل لا نفي التشبيه، فليس في القرآن ولا في السنة نفي التشبيه وإنما الوارد نفي التمثيل، كما قال الله تعالى: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) (مريم: الآية 65) وقوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ

الصفحة 100