كتاب شرح العقيدة السفارينية

نثبته لان الله أثبته لنفسه.
والثاني: نفي ما نفاه الله عن نفسه، كالظلم، والجهل، والغفلة، والنسيان والعور، وغير ذلك، فننفي ما نفاه الله عن نفسه.
والثالث: التوقف فيما لم يرد إثباته ولا نفيه ما لم يتضمن نقصا محضا، فإن تضمن نقصا محضا فإننا ننفيه عن الله وإن لم يرد نفيه، وأما فيما لم يرد إثباته ولا نفيه فمثاله الجسم، فلو قال لنا قائل: هل تقولون إن الله جسم؟
فالجواب: لا نقول إنه جسم، وتأمل العبارة: لا نقول إنه جسم، وهذه العبارة غير أن نقول: أنه ليس بجسم: والصحيح قول: لا نقول إنه جسم. ونحن إذا قلنا: أنه ليس بجسم نفينا أنه جسم، أما إذا قلنا: لا نقول أنه جسم فقد نفينا القول بأنه جسم.
وفرق بين النفيين؛ لان الأول وهو قول: أنه ليس بجسم حكم بانتفاء الجسمية عن الله، وهذا ليس عندنا علم فيه، والثاني وهو قول: لا نقول أنه جسم نفي للقول بذلك، ونحن ننفي أن نقول بذلك لأننا لا نعلم.
إذا الجسم: لا نثبته ولا ننفيه؛ لان الله لم ينفه عن نفسه ولم يثبته، فإذا لم ينفه عن نفسه ولم يثبته فليس لنا دخل في هذا، فنقف حيث وقف النص، ولكن نسأل عن المعنى المراد بالجسم؛ فإن أردت بالجسم الشيء القائم بنفسه المتصف بما يستحقه من الصفات، فهذا المعنى صحيح، فإن الله تعالى شيء قائم بنفسه متصف بما يليق به من الصفات: يستوي، ويأتي، وينزل، ويضحك، ويفرح، ويغضب، ويرضى، ونحن نؤمن بذلك، وإن أردت بالجسم الشيء المركب من أجزاء يفتقر بعضها إلى بعض، ويجوز انفصال بعضها عن بعض كما في الأجسام المخلوقة فهذا باطل.

الصفحة 119