كتاب شرح العقيدة السفارينية

الجهة أنه في كل مكان مثلا، فنقول: لا تطلق أن الله في جهة أو في غير جهة، بل لابد من التقييد على حسب التفصيل الذي ذكرنا.
وكذلك الحيز، فاللفظ نتوقف فيه، والمعنى نستفصل، فإن أريد أن الله في حيز يحيط به ويحوزه فهذا باطل وممتنع؛ لان الله عز وجل لا يحيط به شيء من مخلوقاته، وإن أريد أنه منحاز عن المخلوقات بائن منها غير مختلط فيها ولا هي حالة فيه فهذا حق.
إذا قول المؤلف رحمه الله: (فعقدنا الإثبات) فيه قصور؛ لان الواقع أن عقدنا إثبات ونفي وتوقف، ولكن في باب النفي؛ هل الله تعالى متصف بصفات هي نفي محض؟ الجواب: لا، بل صفات الله سبحانه وتعالى المنفية متضمنة لثبوت كمال، ويجب أن نؤمن بأنها متضمنة لثبوت كمال، لأنها يراد بها بيان كمال الصفة المضادة فلا يظلم الله الناس شيئا (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً) (يونس: الآية 44) وذلك لكمال عدله، فهذا النفي إنما هو من أجل كمال الضد، فقد يكون في الإنسان عدل لكن يكون فيه أيضا ظلم، فيقال: فلان عدل، لكن ظلم في القضية الفلانية، فلا ينتفي عنه الظلم، لكن الله عز وجل ينتفي عنه الظلم، لان العدل لديه كامل لا يمكن أن يرد في حقه الظلم؛ لا في قليل ولا في كثير، فانتفى الظلم عنه لكمال العدل في حقه عز وجل.
ولو قلت: أنا أقول: لا يظلم ولا أقول لكمال العدل، قلنا: هذا ليس بصحيح لان صفات الله عز وجل كلها عليا، وظلم لا يتضمن كمال العدل ليس من الصفات العليا؛ لان نفي الظلم إذا لم يكن لكمال العدل فقد يكون نقصا، وقد يكون لعدم القابلية، فلا يمدح بنقص ولا كمال، فإذا قلت فلان

الصفحة 121