كتاب شرح العقيدة السفارينية

افترضت عليه) وفيه أيضا سائل ومسئول، ومعطي ومعطى، ومستعيذ ومستعاذ به، في قوله: ((ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) . وكل هذا يدل على التباين بين هذا وبين هذا، فإذا كان هذا دالا على التباين فكيف يكون هذا الشيء المباين بعضا من الشيء المباين؟! وكيف يكون سمعه وبصره ويده ورجله؟! فهذا مستحيل.
وأيضا السمع والبصر واليد والرجل بعض من المخلوق ولا يمكن أن يكون بعض المخلوق هو الخالق، فهذا شيء مستحيل.
إذا فعندنا دليل على هذا التأويل، وإذا قام الدليل على التأويل فإننا نقول: ليس ظاهر الحديث مقصودا، بل لنا أن نقول: أن هذا الظاهر الذي ادعي ليس هو ظاهر الحديث؛ لان ظاهر الحديث يناقض سياقه × ومعلوم أن ظاهر الكلام ما يقتضيه سياقه، وليس كل لفظ من الألفاظ له معنى منفرد، بل الألفاظ يكون معناها بضم بعضها إلى بعض. فنحن لم نخرج عن ظاهر الحديث ولم نؤول، وإذا تنزلنا جدلا وقلنا: إن هذا تأويل، فإننا نقول: إن هذا التأويل قد دل عليه الدليل، وإذا دل عليه الدليل من كلام من تأولنا كلامه لم نكن خرجنا بكلامه عن ظاهره، لان المتكلم اعلم بمراده؛ ومثل ذلك أيضا ما جاء في الحديث الصحيح أن الله تعالى يقول: ((عبدي جعت فلم تطعمني، ومرضت فلم تعدني) (¬1) فإنا لو أخذنا بظاهر هذا اللفظ لقلنا إن الله يمرض وإن الله يجوع، وهذا شيء مستحيل على الله، لكن هذا قد فسر في نفس الحديث حيث قال: ((إن عبدي فلانا جاءك فلم تطعمه، ومرض فلم تعده)) ،
¬_________
(¬1) رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب فضل عيادة المريض، رقم (2569) .

الصفحة 131