كتاب شرح العقيدة السفارينية

فالجواب: هم أصحاب الكلام كما يسميهم أهل العلم، وعلمهم علم الكلام، وسموا أصحاب النظر لأنهم قدموا النظر على الأثر. وأصحاب النظر - هؤلاء المتكلمون - هم أكثر الناس فسادا واضطرابا في الأقوال؛ لأنهم لم يبنوا على أسس صحيحة، وإنما بنوا على وهميات ظنوها عقليات، فبنوا عليها عقيدتهم.
ولعله قد مر بك أن أساطينهم ورؤساءهم أقروا بأنهم على ضلال، فمن جملتهم الرازي الذي يقول: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تروي غليلا ولا تشفي عليلا، ووجدت اقرب الطرق طريقة القرآن، اقرأ في الإثبات قول الله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: 5) ، وقوله: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) (فاطر: الآية 10) ، وأقرأ في النفي: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى: الآية 11) ، (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) (طه: الآية 110) ، ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي.
هذا هو الرازي أحد أساطينهم وكبرائهم وعلمائهم يقول: هذه المناهج والطرق ما رأيتها تروي غليلاً ولا تشفي عليلاً، أي، لا تسمن ولا تغني من جوع، ويقول: رأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، يعني: طريقة تحكيم النصوص في هذا الباب، ثم ضرب مثلا: اقرأ في الإثبات: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: 5) فأؤمن بأنه استوى على العرش، واقرأ: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) (فاطر: الآية 10) فأؤمن بأنه في العلو، واقرأ في النفي: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى: الآية 11) وهي نفي للتمثيل، واقرأ: (َلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) (طه: الآية 110) وهي نفي التكييف، ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي.

الصفحة 136