كتاب شرح العقيدة السفارينية

صعد بل أراد منهم أن ينتهزوا هذه الفرصة في هذا الجزء من الليل الذي يقول الله فيه: من يدعوني؟ من يسألني؟ من يستغفرني؟
فالمهم أن الواجب علينا أن نعرض عما قاله أهل الكلام في هذا كله، ونحن نحاجهم بكلمة بسيطة وهم أهل جدل، فنقول: أأنتم أعلم باله أم الله؟ إن قالوا: نحن أعلم بالله من الله فهم كرة بذلك. وإن قالوا: الله أعلم، فنقول: ألم يقل عن نفسه كذا وكذا. فلماذا لا تقبلون؟! ولماذا تحاولون الزيغ يمينا ويسارا؟! والله عز وجل وضح وبين وكلامه أبين الكلام (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) (النساء: الآية 26) (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) (النساء: الآية 176) (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل: الآية 44) .
فالقرآن مبين، والرسول عليه الصلاة والسلام مبين، ولا يمكن أبداً بحال من الأحوال أن يبين الله لنا كيف نبول، وكيف نتغوط، وكيف نلبس، وكيف ندخل، وكيف نخرج، وكيف نأكل، وكيف نشرب، وكيف ننام، وكيف نستيقظ، ثم يدع البيان فيما يتعلق بأسمائه وصفاته التي هي زبدة الرسالة، ونحن إذا لم نعرف الله ما عبدناه، وإذا عرفناه فيجب أن نعرفه كما وصف نفسه، بعيدا عما أشار المؤلف إليه من اختلاف أصحاب النظر، فإن هذا يصدنا عن سبيل الله ويبعدنا كثيرا.
إذا بأي شيء يكون: (حسن ما نحاه ذو الأثر) ؟ يكون بإتباع الآثار، وهذا الحسن يتمثل في طمأنينة القلب، وانشراح الصدر، وركود النفس، والانبساط، وعدم القلق، وعدم الحيرة. وكل هذا موجود ولله الحمد فيما نحاه أهل الأثر، حيث يقولون: سمعنا وأطعنا.
قوله: (فإنهم قد اقتدوا بالمصطفى وصحبه) : (فإنهم) أي أهل الأثر، (قد

الصفحة 141