كتاب شرح العقيدة السفارينية

والقدم، والإصبع، فهذه نسميها الصفات الخبرية، لأنها ليست معنى من المعاني، فاليد غير القوة، القوة معنى، واليد صفة من نوع آخر. مسماها بالنسبة إلينا أبعاض وأجزاء، فاليد بعض من أو جزء منا، والوجه كذلك والعين كذلك.
ولكن بالنسبة لله لا نقول أنها جزء أو بعض؛ لأن البعضية والجزئية لم ترد بالنسبة إلى الله لا نفيا ولا إثباتا، ولهذا نقول لمن قال: إن الله واحد لا يتجزأ ولا ينقسم وما أشبه ذلك، نقول: هذه ألفاظ بدعية. فليس هناك دليل على أن تصف الله بهذا النفي، وما أنت اعلم بالله من الله، ولا اعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اعلم بالله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما قال واحد منهم قط: إنه لا يتبعض ولا يتجزأ، فاحبس لسانك عما حبسوا ألسنتهم عنه، ولا تتكلم بأشياء فارغة، وليس هناك داع لأن تقول: لا يتجزأ، فلا أحد يتصور أن الله تعالى - وله الحمد والفضل - يتجزأ، لا أحد يتصور هذا حتى تنفيه، فدع ذلك، وإنما ينفى مثل هذا الكلام لو أن أحداً قاله، إما ولم يقله أحد فليس له داع، بل يقال: لله يد، وله وجه، وله عين، ودع عنك: لا يتجزأ ولا يتبعض، فلم يتعبدنا الله بهذا، ولا ورد عن الله انه يتبعض أو يتجزأ، أو لا يتبعض ولا يتجزأ، بل قال تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ) (البقرة: الآية 136) وقال: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (البقرة: الآية 255) وقال تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ*اللَّهُ الصَّمَدُ) (الإخلاص: 2) .
وكل هذا لم يرد، وما لم يرد فالأدب مع الله ورسوله أن نمسك عنه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الحجرات: 1) ، فلو نفيت ما لم ينفه ما لم ينفه الله عن نفسه فقد تقدمت بين

الصفحة 157