كتاب شرح العقيدة السفارينية

قدرة، ويقال لامرأة: ذات جمال، فهي ذات بمعنى صاحبة تضاف إلى صفة، نقلها المتكلمون من كونها تضاف إلى صفة وجعلوها اسما للموصوف.
فقالوا: كل موصوف قائم بنفسه فهو ذات، فمثلا أصل ذات الله يعني ذات الإلوهية، فنقلوا كلمة ذات إلى الشيء القائم بنفسه وقطعوه عن الإضافة، ولم تكن من كلام العرب، ولا يعرفها العرب بهذا المعنى؛ أي بأنها قائمة مقام النفس. لكن هم لما قالوا: ((ذات علم) ، قالوا: إن علم) صفة، و ((ذات) موصف، فأطلقوا على الموصوف اسم ذات، فقالوا: الذات، والصفات بدل الله وصفاته، لكن لا مشاحة في الاصطلاح، فإن العلماء رحمهم الله تقبلوا هذا، وصاروا يقولون: ذات وصفات، صفات الذات وصفات الأفعال، وإلا فهي في الأصل ليست من كلام العرب.
وذات الله تعالى قديمة، والقديم عند المتكلمين هو الذي لا ابتداء له، وليس هو القديم في اللغة العربية، بل القديم في اللغة العربية هو ما سبق غيره، ولو كان حادثا، إما القديم عند المتكلمين فهو الذي لم يسبق بعدم، بل دائما وأبدا موجود، فالذي لا أول له - أي لم يسبق بعدم - هو القديم عند المتكلمين، لكن اللغة العربية تقول: إن القديم ما تقدم غيره ولو كان حادثا، ومنه قوله تعالى: (حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (يّس: الآية 39) .
وصفات الله سبحانه وتعالى كلها كمال، سواء كانت مطلقة أو مقيدة، فما كان كمالا محضا فهو مطلق؛ أي في كل حال وغير مقيد، وما كان كمالا في حال دون حال فهو مقيد.

الصفحة 159