كتاب شرح العقيدة السفارينية

الإطلاق؛ ولا على سبيل التقييد، مثال ذلك: الخيانة، فالخيانة لا تدخل في صفات الله؛ لأنها ذم وقدح بكل حال، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((لا تخن من خانك) (¬1) وقال: ((الحرب خدعة)) (¬2) ، فأذن بالخدعة في محلها وهو الحرب، ونهى عن الخيانة في محلها. فقال: ((لا تخن من خانك) .
مع أن الإنسان قد تسول له نفسه أن يخون من خانه؛ لأن الله تعالى قال: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) (البقرة: الآية 194) ، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تخن من خانك) فإذا ائتمنك إنسان بشيء وقد خانك من قبل فلا تخنه فيه؛ لأن الخيانة وصف ذم على الإطلاق، وبهذا نعرف خطأ قول العامة: خان الله من يخون. فهذا القول لا يجوز، وهو قول باطل. لكن لو قيل: خدع الله بمن يخدع. فهذا صحيح.
إذا يمكن أن نقول: إن الصفات بالنسبة لله عز وجل على ثلاثة أقسام:
1- صفات كمال محض: فهذه يوصف بها على سبيل الإطلاق.
2- وصفات كمال في حال دون حال: فلا يوصف بها إلا مقيدا بالحال التي تكون فيها كمالا.
3- وصفات نقص على الإطلاق: فلا يوصف الله بها مطلقا.
فإذا قال قائل: هل هناك فرق بين الأسماء والصفات في هذا الباب؟ بمعنى أن الاسم إذا كان متضمنا لنقص فإنه لا يسمى به الله في حال الكمال؟
فالجواب: لا؛ لأن الله تعالى قال في الأسماء: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)
¬_________
(¬1) رواه الترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في النهي للمسلم، أن يدفع إلي الذمي الخمر، رقم (1264) .
(¬2) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الحرب خدعة ـ رقم (3029) ، ومسلم، كتاب الجهاد والسير باب جواز الخداع في الحرب، رقم (1740) .

الصفحة 161