كتاب شرح العقيدة السفارينية

ودليل ذلك من الأثر والنظر:
أما من الأثر: فقوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف: 33) وإثبات اسم من أسماء الله لم يسم به نفسه هذا من القول عليه بلا علم، فيكون حراما، وقال تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء: 36) وإثبات اسم لله لم يسم به نفسه من قفو ما ليس لنا به علم.
أما من النظر: أولا: فلأن اسم المسمى لا يكون إلا بما وضعه لنفسه، وإذا كان الناس يعدون من العدوان أن يسمى الإنسان بما لم يسم به نفسه أو بما لم يسمه به أبوه، فإن كون ذلك عدوانا في حق الخالق من باب أولى، فلو أن رجلا اسمه محمد وناداه آخر: يا عبد الله، وكلما ناداه أو راسله سماه عبد الله، لغضب من ذلك، ورأى أن ذلك تعد عليه، فإذا كان هذا في حق المخلوق، فهو في حق الخالق أعظم.
ثانياً: من الدليل النظري أيضاً أن الله قال: ((وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) (الأعراف: الآية 180)) ، الحسنة البالغة في الحسن كماله، وأنت إذا سميت الله باسم فليس عندك علم أنه بلغ كمال الحسن، بل قد تسميه باسم تظن انه حسن، وهو سيئ ليس بحسن.
وهذا أيضاً دليل عقلي يدل على انه لا يجوز أن نسمي الله بما لم يسم به نفسه. فهذه أربعة أدلة؛ دليلان أثريان أو شرعيان؛ ودليلان عقليان نظريان.
ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (لنا بذا أدلة وفيه) . (لنا بذا) : المشار إليه

الصفحة 168