كتاب شرح العقيدة السفارينية

كلام الله.
ونحن نقول: إن دعواهم بان الكلام هو المعنى القائم بالنفس هذه دعوى يكذبها الشرع وتكذبها اللغة وإذا كانت يكذبها الشرع وتكذبها اللغة فهي باطلة.
أما الشرع: فلأن الله تعالى وصف القرآن بأنه كلام الله، والأصل أن الصفة حقيقة في موصوفها، وهذا القرآن مسموع، وبحروف، ويتعلق بالمشيئة. فكذب دعواهم بأن الكلام هو المعنى القائم بالنفس.
وأما مخالفته للغة: فلأنه لا يقال في اللغة للكلام كلام حتى يخرج باللسان، وإنما يذكر الكلام القائم بالنفس كلاما مقيدا، فيقال حدث نفسه، ويقال: حديث النفس، ويقال يقول في نفسه، إما عند الإطلاق فإن القول والكلام لا يقال إلا لما يسمع ويكون بالحروف
فإذا قالوا: إن الله تعالى يقول: (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُول) (المجادلة: الآية 8) قلنا: هذا رد عليكم وليس لكم، بل هو دليل عليكم وليس لكم؛ لأن الله لما أراد حديث النفس قال: (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) ولما أراد حديث اللسان قال: (بِمَا نَقُول) فأطلق، وذلك في قوله تعالى (لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُول) (المجادلة: الآية 8) ولم يقولوا: بما نقول في أنفسنا؛ لأنهم يقولون بألسنتهم، لكن يحدثون أنفسهم ويقولون: لولا يعذبنا الله بما نقول.
فحديث النفس لا يسمى قولا ولا كلاما ولا حديثا إلا مقيدا، وأما القول والحديث والكلام عند الإطلاق فإنما هو القول المسموع الذي يكون

الصفحة 180