كتاب شرح العقيدة السفارينية

فوالله ما أنت بأحرص على العلم بالله من الصحابة رضي الله عنهم، والصحابة رضي الله عنهم لما قال الرسول عليه الصلاة والسلام ((إن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع)) (¬1) . إلى آخر الحديث، ما قالوا: يا رسول الله هل لله أكثر من هذه الأصابع؛ لأنهم أكمل أدبا، وأشد تعظيما لله ممن أتى بعدهم، وإذا كنت صادقا في عبادة الله فلا تتجاوز ما أخبر الله به عن نفسه، كما انك لا تتجاوز ما شرعه الله لعباده، فلو أردت أن تصلي الظهر خمسا لقال لك الناس كلهم هذا خطأ، إذاً لا تتكلم فيما اخبر الله به عن نفسه، أو اخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ألا بمقدار ما بلغك فقط.
وأنت إذا سلكت هذا - والله - تسلم من أمور كثيرة؛ تسلم من شبهات يوردها الشيطان على قلبك، ومن شبهات يوردها عليك غيرك، ولما قيل للإمام مالك: يا أبا عبد الله:) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: 5) كيف استوى؟ أطرق حتى علاه العرق من شدة هذا السؤال وعظمته - لان هذا السؤال منكر - ثم قال: ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة)) فانظر كلام السلف رحمهم الله كيف أن كل إنسان يسال عما لم يسأل عنه السلف - الصحابة رضي الله عنهم خاصة - فهو مبتدع.
وكذلك قول القائل: إنه ثبت أن الله ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، ونحن نشاهد أن الثلث يدور على الأرض إذا الله ينزل كل الليل. أعوذ بالله فمن قال هذا؟! قف يا أخي حيث جاءت
¬_________
(¬1) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: ((وما قدروا الله حق قدره)) ، رقم (4811) ، ومسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، بدون ذكر الباب، رقم (2786) .

الصفحة 30