كتاب شرح العقيدة السفارينية

يدل على الكمال، فإن القديم يطلق على السابق لغيره سواء كان حادث أم أزليا، قال الله تعالى:) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (يّس: 39) ، والعرجون القديم هو عذق النخلة الذي يلتوي إذا تقدم به العهد، ولا شك أنه حادث وليس أزليا، والحدوث نقص، وأسماء الله تعالى كلها حسنى لا تحتمل النقص بأي وجه.
فتبين بذلك أن تسمية الله بالقديم لا تجوز بدليل عقلي وبدليل سمعي؛ الدليل السمعي قول الله تعالى) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف: 33) ، وقوله تعالى:) وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (الإسراء: 36)
أما الدليل العقلي فهو أن القديم ليس من الأسماء الحسنى لأنه يتضمن نقصا، حيث إن القديم قد يراد به الشيء الحادث، ومعلوم أن الحدوث نقص، فلو قال المؤلف رحمه الله بدل القديم: الحمد لله العليم أو العظيم أو الكريم أو ما أشبه ذلك من الأسماء التي أثبتها الله لنفسه لكان أولى.
والأفضل من القديم: الأول، وذلك للأسباب الآتية:
الأول: لان الله تسمى به وهو اعلم بأسمائه.
والثاني: انه يدل على أن الله قبل كل شيء، وأنه أزلي.
والثالث: أن الأول قد يكون له معنى آخر غير السبق في الزمن، وهو المآل، فالأول يعني الذي تؤول إليه الأشياء، فيكون مأخوذا من الأول بمعنى الرجوع؛ لان مرجع كل شيء إلى الله، فيكون أوسع دلالة من القديم.

الصفحة 35