كتاب شرح العقيدة السفارينية

إذاً تسمية الله بالقديم مما يؤخذ على المؤلف رحمه الله.
وقوله: (الباقي) يعني الذي يبقى بعد كل شيء، فهو بمعنى الآخر، أي الذي ليس بعده شيء، والآخر من أسماء الله، قال الله تعالى:) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ عَلِيمٌ) (الحديد: 3) فكأن المؤلف رحمه الله أتى بالقديم بإزاء الأول وأتى بالباقي بإزاء الآخر، ولكن في هذا نظر، فلم يرد من أسماء الله عز وجل أنه الباقي، وإنما جاء) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والإكرام) (الرحمن: 27) .
والصفة لا يشتق منها اسم، وقد ذكرنا في كتابنا ((القواعد المثلى)) أن كل اسم متضمن لصفة، وليس كل صفة يشتق منها اسم (¬1) .
فإذا قال الله تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ) فلا يعني ذلك انه يجوز أن نسمي الله بالباقي.
فالصواب أن يجعل بدل هذين الاسمين الأول والآخر كما ثبت ذلك في القرآن والسنة.
وقوله: (مقدر الآجال والأرزاق) مقدر: أي جاعلها على قدر معلوم، والآجال: جمع أجل، وهو منتهى الشيء وغايته، ومنه عمر الإنسان، فإنه مقدر عند الله عز وجل بأجل معلوم؛ لا يتقدم ولا يتأخر، وكذلك ما يحدث من الحوادث فهي مقدرة بأجل معلوم لا تتقدم ولا تتأخر.
والأرزاق جمع رزق: وهو العطاء، والله سبحانه وتعالى هو مقدر الأرزاق؛ يقسمها بين عباده حسب ما تقتضيه حكمته، وقد جاء في
¬_________
(¬1) انظر القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى ص 8

الصفحة 36