كتاب شرح العقيدة السفارينية

إذاً فالحوادث دليل على وجود الله لدليل سمعي ودليل عقلي.
فالدليل السمعي: قوله تعالى:) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) (الطور: 35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ) (الطور: 36) .
والدليل العقلي: أن كل حادث لابد له من محدث، ولا محدث للحوادث ألا الله عز وجل.
ولكن ينبغي أن نسأل: هل المؤلف رحمه الله أراد حصر الدليل على وجود الله عز وجل بهذه الطريق فقط؟ والجواب: لا. فإن كان أراد ذلك فلا شك أن هذا قصور، لان الأدلة على وجود الله عز وجل كثيرة؛ شرعية وعقلية وحسية وفطرية.
فدلالة الفطرة على وجود الله أقوى من كل دليل لمن لم تجتاله الشياطين، ولهذا قال الله تعالى:) فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) (الروم: من الآية 30) بعد قوله:) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) (الروم: الآية 30) فالفطرة السليمة تشهد بوجود الله، ولا يمكن أن يعدل عن هذه الفطرة ألا من اجتالته الشياطين، ومن اجتالته الشياطين فقد وجد في حقه مانع قوي يمنع هذا الدليل.
إذا فكل حادث لابد له من محدث، والحقيقة أن دلالة الحوادث على المحدث دلالة حسية عقلية، أما كونها حسية فلأنها مشاهدة بالحس، وأما كونها عقلية فلأن العقل يدل على أن كل حادث لابد له من محدث، ولهذا سئل أعرابي بم عرفت ربك؟ فقال: الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج ألا تدل على السميع البصير؟ والجواب: بلى.

الصفحة 43