كتاب شرح العقيدة السفارينية

أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي) (يوسف: الآية 80)) هذا حكم كوني وليس حكما شرعيا؛ لأنه من حيث الحكم الشرعي قد حكم الله له، فهذا حكم يتعين أن يكون حكما كونيا.
ومثال الحكم الشرعي قوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة: 50) هذا حكم شرعي ولا يتضمن حكما كونيا.
أما قوله تعالى: (له الحكم وإليه ترجعون) [القصص: 88] ) فهذا يشمل الكوني والشرعي، وكذلك قوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) (التين: 8) يشمل الحكم الكوني والحكم الشرعي. إذا أحكام الله عز وجل كونية وشرعية.
فإذا قال قائل: نحن لا نشك في أن أحكام الله تعالى كونية وشرعية. لكن ما الفرق بينهما؟
فالجواب: أن الفرق بينهما من وجهين:
أولا: الحكم الكوني واقع لا محالة وشامل لكل أحد.
أما الحكم الشرعي فقد يقع وقد لا يقع، بمعنى أنه قد ينفذ وقد لا ينفذ، أما من حيث إن الله حكم به فهو واقع لا شك فيه. فالحرام حرام واقع، لكن هل ينفذ أو لا؟ قد ينفذ وقد لا ينفذ، وإذا قضى الله عز وجل بأن هذا واجب على العباد فقد يفعلونه وقد لا يفعلونه، لكن إذا حكم كونا بأن هذا واجب على العباد، أي: واقع عليهم فلابد أن يقع.
ثانيا: الحكم الكوني يكون فيما يرضاه الله وما لا يرضاه، فقد يحكم الله عز وجل بان يقع الكفر والشرك والزنا والفواحش، لكنه لا يرضاها شرعا.

الصفحة 47