كتاب شرح العقيدة السفارينية

أن يسلمه حتى في الدنيا أي يسلم جسده.
ثم ربما يقال إن المسالة أوسع من ذلك، بأننا نسأل الله تعالى أن يسلمه في الدنيا أي يسلم شريعته من أن ينالها أحد بسوء؛ لان شريعة الإنسان لا شك أنه يذود عنها كما يذود عن نفسه، فالإنسان يذود عن مبدئه وعن شريعته وعن طريقه كما يذود عن نفسه، وما أكثر الذين يستميتون من اجل تحقيق دعوتهم.
إذا: فالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في الدنيا والآخرة، ويكون بسلامته عليه الصلاة والسلام نفسه، وبسلامة شريعته.
وقوله: (على النبي) : النبي: هل هو بالهمز وخفف أو بالياء التي أصلها الواو؟ قيل: إن أصله من النبوة، من نبا ينبو نبوا، وهو الارتفاع؛ لان نبا بمعنى ارتفع، ولا شك في ارتفاع رتبة النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فيكون النبي أصلها النبيو لكن اجتمعت الواو مع الياء وسبقتها الياء بالسكون فقلبت الواو ياء فصارت النبي.
وقيل: إنه من النبأ بمعنى الخبر، لان النبي منبأ ومنبئ، ولكن سهلت الهمزة إلى ياء لكثرة الاستعمال، فأصلها النيئ، ثم سهل صارت النبي.
والقاعدة: أنه إذا احتمل اللفظ معنيين لا يتنافيان حمل عليهما جميعا، فنقول هو مشتق من هذا ومن هذا؛ لان النبي صلى الله عليه وسلم رفيع المنزلة، وهو أيضا منبئ ومنبأ.
وقوله: (المصطفى) : يعني المختار، لأنه مأخوذ من الصفوة، وصفوة الشيء خياره، فهو صلى الله عليه وسلم مصطفى أي مختار على جميع الخلق، فهو صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل، والرسل أفضل الخلق.

الصفحة 53