كتاب شرح العقيدة السفارينية

نعلان من نار يغلي منهما دماغه، أعوذ بالله، وهو أهون أهل النار عذابا (¬1) ، إذا كان الدماغ يغلي وهو أبعد ما يكون عن النعلين، فما بالك بما تحته؟!.
ولهذا نقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم (كنز الهدى) ، أي هدى العلم والدلالة دون التوفيق والعمل، فإنه لا يستطيع أن يهدي أحداً هداية توفيق وعمل، وإذا كان هذا في حق الرسول صلى الله عليه وسلم ففي حق غير الرسول من باب أولى، وبناء على ذلك فنحن لا نملك هداية الناس هداية توفيق، وإنما علينا أن نهديهم هداية دلالة وإرشاد، ونسأل الله أن يعيننا على ذلك، فما أكثر ما قصرنا حتى في الدلالة والإرشاد، فنحن وظيفتنا أن ندل ونرشد ونبين وندعو ونأمر وننهي ونغير، وكل هذا بقدر الاستطاعة.
فهنا بيان ودعوة وأمر وتغيير. وكثير من الناس يظنون أن معناها واحد، وليس كذلك:
فالبيان: أن تبين بيانا عاما للناس.
والدعوة: أن تقول افعلوا - يا أيها الناس - وتدعوهم، كالذي يدعو الغنم للشرب وما أشبه ذلك.
والأمر: أن تقول يا فلان افعل كذا، فالأمر أخص من مجرد الدعوة، ثم بعد ذلك التغيير وهو أعلى شيء كما لو رأيت مثلا آلة لهو فلا تنهى وتقول: يا فلان لا تستعملها، بل تأخذها وتكسرها.
وكل هذا والحمد لله منوط بالاستطاعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)) (¬2)
¬_________
(¬1) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب أهون أهل النار عذابا، رقم (212، 213) .
(¬2) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان ... ، رقم (49) .

الصفحة 57