كتاب شرح العقيدة السفارينية

مراهق، ولا إلى كل عجوز، ولا إلى كل شاب، ولا إلى كل رجل أن يبايعه، ولم يرسل إلى مكة ولا إلى الطائف ولا إلى غيرها من البلاد، بل ولا إلى أهل المدينة، بل اكتفى بمبايعة أهل الحل والعقد.
وبهذا نعرف أن من قال من السفهاء الأغرار: أنا لم أبايع، أنه أخطأ، فإنه لا يشترط أن يبايع كل واحد من الأمة، فالمبايعة ليست لكل واحد من الناس، بل المبايعة لأهل الحل والعقد، فإذا اجمعوا عليه وبايعوه صار إماما، ووجب على الجميع التزام أحكام الإمام في هذا الرجل الذي أجمع عليه أهل الحل والعقد، وذلك مثل عثمان رضي الله عنه، فقد بويع بإجماع أهل الشورى الذين نصبهم عمر رضي الله عنه.
الأمر الثالث: القهر:
يعني لو خرج رجل واستولى على الحكم وجب على الناس أن يدينوا له، حتى وإن كان قهراً بلا رضا منهم؛ لأنه استولى على السلطة، ووجه ذلك أنه لو نوزع هذا الذي وصل إلى سدة الحكم لحصل بذلك شر كثير. وهذا كما جرى في دولة بني أمية فإن منهم من استولى بالقهر والغلبة، وصار خليفة ينادى باسم الخليفة، ويدان له بالطاعة امتثالاً لأمر الله عز وجل.
فهذه هي الطرق التي يكون بها الإمام إماماً وهي ثلاثة: النص والإجماع والقهر. وإذا قلنا: إن الخلافة تثبت بواحد، هذه الطرق الثلاث فيعني ذلك أنه لا يجوز الخروج على من كان إماماً بواحد منها أبدا.
ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (فحل عن الخداع) يعني لا تخادع ولا تخن إذا ثبتت الإمامة بواحدة من هذه الطرق، فالإمامة ثابتة بها.

الصفحة 684