كتاب شرح العقيدة السفارينية

الفاعل، فإذا وجد الفعل فلا يهمنا أن يكون الفاعل واحداً أو اثنين أو ثلاثة أو أكثر، المهم أن هذا الفعل يوجد، ومعلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقصد إيجاده فقط بقطع النظر عن القائم به، وحده أهل العلم بقولهم فرض الكفاية هو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين.
واختلف العلماء رحمهم الله أيهما أفضل فرض الكفاية أو فرض العين؟ فقال بعضهم: فرض الكفاية أفضل؛ لأن الإنسان يقوم به عن نفسه وعن غيره، وأما فرض العين فلا يقوم به إلا عن نفسه فقط.
ولكن الصحيح أن في ذلك تفصيلاً؛ فأما من حيث التأكد ومحبة الله للفعل ففرض العين أفضل، ولذلك أوجبه الله على كل واحد. وأما من حيث إن القائم بفرض الكفاية قام عن الباقين فهو أفضل؛ لأنه اسقط به الفرض عن نفسه وعن غيره.
وقوله: (على من قد وعى) أي على من كان واعياً، أي عاقلاً، ولم يذكر المؤلف رحمه الله إلا شرط العقل، ويمكن أن يقال: بل المراد بالوعي ما هو أعم من العقل، فالمراد العاقل العالم، وذلك لأن شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أكثر مما ذكره المؤلف رحمه الله؛ فمن الشروط ما يلي:
الشرط الأول: أن يكون الإنسان عالماً بأن هذا منكر، يعني أنه قد أنكره الشرع، فلا يجوز أن يحكم بالذوق أو بالعاطفة أو ما أشبه ذلك؛ لأن المرجع في هذا إلى الشرع، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (الإسراء: الآية36)
ونضرب مثلاً لذلك بأنه أول ما ظهرت مكبرات الصوت في المساجد،

الصفحة 696