كتاب شرح العقيدة السفارينية

(الحديد: الآية13) وقال رحمه الله: ((ما يصنع أعدائي بي؛ إن حبسي خلوة، ونفيي سياحة، وقتلي شهادة)) أي حال يفعلونها بي فهي خير لي.
وهذا أيضاً مما يفرج الله به عن الإنسان إذا كبت وأوذي وعذب في ذات الله، فمن أقوى التفريج عنه أن يشرح الله صدره لما وقع عليه، وكأن شيئاً لم يكن.
لذا نقول للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر: اصبر على الأذى فالفرج قريب، ولا تيأس من رحمة الله، أنت تقاتل بسيف الله، وإنك تدعو بدعوة الله، فاحتسب، ولو شق عليك نفسياً أو جسمياً فاصبر واصبر.
قوله (وزل باليد واللسان) زل أصلها أزل (لمنكر واحذر من النقصان) هذا مرتبة أخرى غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه هي مسألة التغير، والتغير ليس كالأمر والنهي.
ولكي يتبين لنا الفرق بين الأمر أو النهي والتغيير نضرب مثالاً بشخص رأى آخر معه زمارة من آلات اللهو؛ يزمر بها ويرقص عليها، فقال له: يا فلان اتق الله، هذا حرام ولا يحل، فهذا نسميه نهياً عن المنكر، وإذا جاءه مرة أخرى فرآه أيضاً معه الزمارة فأخذها وكسرها، فهذا يسمى تغييراً، إذاً فمقام المغير أقوى من مقام الآمر والناهي.
وكذلك إذا رأيت رجلاً لايصلي مع الجماعة مع وجوبها عليه، فقلت له: يا أخي اتق الله وأقم الصلاة مع المسلمين، فهذا يسمى أمراً بالمعروف، ثم إذا جئت مرة ثانية ووجدته لم يخرج من بيته فقرعت الباب عليه، فإذا أبى كسرت الباب ثم جررته إلى المسجد، فهذا تغيير.
لكن هذا الأخير ليس كل أحد يطيقه على خلاف الأول، فكل أحد يطيقه

الصفحة 706