كتاب شرح العقيدة السفارينية

إذا العقيدة تعريفها اصطلاحا: حكم الذهن الجازم.
فقولنا حكم الذهن خرج به قول اللسان لأنه لا يعتبر عقيدة؛ إذ قد يقول الإنسان ما لا يعتقد.
وخرج بقولنا: الجازم الشك فإن الشاك لم يعتقد. ولا يشترط أن يكون الحكم مطابقاً للواقع، فإن طابق الواقع فالعقيدة صحيحة، وإن خالف الواقع فالعقيدة فاسدة.
فاعتقاد النصارى أن الله ثالث ثلاثة هذه عقيدة، ولكنها فاسدة لأنها غير مطابقة للواقع. واعتقاد أهل التحريف أن الاستواء بمعنى الاستيلاء عقيدة، لكنها فاسدة لأنها خلاف الواقع، لكن هم يجزمون بذلك ويعتقدون هذا.
قال: (أرجوزة وجيزة مفيدة) فذكر أنه من أجل ذلك نظم عقيدة من بحر الرجز، ووصفها بأنها (وجيزة) يعني غير مطولة، وهو كذلك، فإنها ليست مطولة لأنه يذكر فيها رحمه الله القواعد العامة بدون تفصيل، وأنها أيضا (مفيدة) يعني تفيد قارئها وسامعها وكاتبها أيضا.
فقوله: إنها أرجوزة وجيزة هذا ليس فيه مدح، لكن قوله مفيدة فيه مدح.
فإذا قال قائل: كيف يسوغ للإنسان أن يمجد ما كان من صنعه وتأليفه، وهل هذا ألا افتخار؟!
فالجواب: يسوغ ذلك إذا لم يقصد بهذا الافتخار على الخلق، وإنما قصد بيان الواقع، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر)) (¬1) وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ((لو اعلم أن أحداً اعلم مني بكتاب الله
¬_________
(¬1) رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة بني إسرائيل، رقم (3148) ، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة، رقم (4308) .

الصفحة 75