كتاب الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

ومن هنا تأتي أهمية البحوث الحديثة فكل شيء فيه اختلاف ينبغي أن تعاد دراسته بموجب مناهج البحث العلمي الحديثة، التي وفرتها الوسائل الحديثة، والتي لم تكن دائما متوفرة عندهم؛ كالطباعة، والفهارس، ووسائل الاتصال المتطورة، والحاسوب الذي بإمكانه اختصار الزمن على الباحث فهو قد يدلك، او يعينك على الوصول الى طريق يكلفك شهراً دونه!
وهذه البحوث التي تقوم على الاستقراء التام لصنيع أئمة النقد لا تعني بداهة إنكار جهود العلماء من المتأخرين، إنما هو استمرار في خدمة هذا العلم الشريف؛ فلو قدر للحافظ ابن حجر العسقلاني أو السخاوي مثلا الحياة في مثل هذه الظروف وأتيحت لهم مثل هذه الوسائل فإنهم بالتأكيد سيتعلمونها ويستخدمونها في خدمة علم الحديث أعظم استعمال، ويخرجون بنتائج عظيمة؛ وإلا فانهم رغم صعوبة الوسائل آنذاك وعسرها كانوا يتناقشون الآراء ويرجحون ما يرونه صواباً على وفق القرائن التي بين أيديهم، ويخالفون سالفيهم.
وهذا كله ليس بمقدور أي أحد الخوض فيه ألا من سلك جادة العلم الشرعي، وشمر عن ساعديه، وأفنى عمره في خدمة هذا العلم الشريف ومارسه، وتعرف على طرائق الأئمة المتقدمين وعلى أقوالهم وصنيعهم في كتب الراوية والعلل.
ثم ارتأيت بعد استخارة الله تعالى أن اختار أهم هذه الموضوعات في نظري، وهو "الشاذ والمنكر وزيادة الثقة موازنة بين المتقدمين والمتأخرين "، وهو دراسة لتطور مفهوم هذه المصطلحات الثلاثة ثم تغير معانيها عند المتأخرين، موازناً بها مع أقوال الأئمة المتقدمين وتطبيقاتهم في مصنفاتهم.
وضم الكتاب بابين وتمهيد لكل باب.
جعلت الباب الأول: في مفهوم الحديث الشاذ والمنكر وزيادة الثقة في مصطلح الحديث، وقارنته بصنيع الأئمة المتقدمين وخرجت بنتيجة تلك الموازنة، وتضمن الباب فصولاً ثلاثة:
أفردت الفصل الأول منها إلى مفهوم الحديث المنكر، وقسمته إلى مباحث ثلاثة، خصصت المبحث الأول منها لتعريف الحديث المنكر لغةً واصطلاحاً، وجعلت الثاني: لتقسيم آرائهم إلى مفاهيم.
أما المبحث الثالث: فقد استعرضت فيه صنيع بعض الأئمة المتقدمين في مفهومهم

الصفحة 10