كتاب الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين
الناس فقال: أصدق ذو اليدين؟ قالوا: نعم، فأتمَّ ما بقي من صلاته ولم يسجد سجدتي السهو حين لقنه الناس" (¬1).
ولسنا بصدد مناقشة الحديث، وإنما الذي يهمنا هنا: أن الإمام مسلماً حكم على مخالفة " الزهري " بأنها غير محفوظة فإطلاق "غير المحفوظ"عنده تعني أيضاً مخالفة الثقة.
3 - قال الإمام مسلم: " حدثني الحسن الحلواني وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قالا قال: حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد قال: حدثنا كثير بن زيد قال: حدثني يزيد بن أبي زياد عن كريب عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة فاضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طول الوسادة واضطجعت في عرضها فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ ونحن نيام، ثم قام فصلى فقمت عن يمينه فجعلني عن يساره فلما صلى قلت: يا رسول الله، وساقه.
سمعت مسلماً يقول: وهذا خبر غلط غير محفوظ لتتابع الأخبار الصحاح برواية الثقات على خلاف ذلك أن ابن عباس إنما قام عن يسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحوله حتى أقامه عن
يمينه وكذلك سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سائر الأخبار عن ابن عباس أن الواحد مع الإمام يقوم عن يمين الإمام لا عن يساره " (¬2).
وهذا أيضاً من قبيل مخالفة الثقة، فقد خالف فيه يزيد بن أبي زياد المخزومي -وهو ثقة (¬3) - أصحاب كريب - الثقات - بقوله: " فجعلني عن يساره "،والمحفوظ"عن يمينه ".
إذن فمسلم يطلق هذه اللفظة " غير محفوظ " وقد يريد بها مخالفة الثقة أو غير الثقة.
المطلب الثالث: مذهب الإمام أبي داود:
لقد سبقني إلى هذا الأمر - دراسة هذا المصطلح عند أبي داود - الشيخ محمد حوى في رسالة ماجستير (¬4) وخرج الباحث بنتيجة- بحد علمي - تخالف التطبيق العملي له في سننه، وتخالف منهجه رحمه الله وهذه النتيجة هي:
" استعمل أبو داود مصطلح محفوظ لما رواه الثقة مخالفاً من دونه وكانت درجة
¬_________
(¬1) صحيح ابن خزيمة 2/ 124 (1040).
(¬2) انظر أيضاً التمييز ص 183.
(¬3) التقريب (7715).
(¬4) وعنوانها: مقولات أبي داود النقدية في كتاب السنن.