كتاب الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

وروى البيهقي عقب حديثه 3/ 250 أن الإمام مسلماً قال:"حديث أبى موسى أجود شيء في هذا الباب وأصحه"وقد رجح الرفع البيهقي، والنووي (¬1).
وقد أعله بالانقطاع الدارقطني في التتبع ص233 والعلل 7/ 212 (1297).
وقد نقل الحافظ ابن حجر إعلال بعض أئمة الشافعية الحديث بالانقطاع، والاضطراب، فقال:" ... ولا يقال: مسلم يكتفي في المعنعن بإمكان اللقاء مع المعاصرة، وهو كذلك هنا، لأنا نقول: وجود التصريح عن مخرمة بأنه لم يسمع من أبيه كاف في دعوى الانقطاع، وأما الاضطراب: فقد رواه أبو إسحاق، وواصل الأحدب، ومعاوية بن قرة وغيرهم عن أبي بردة من قوله، وهؤلاء من أهل الكوفة وأبو بردة كوفي، فهم أعلم بحديثه من بكير المدني، وهم عدد وهو واحد، وأيضا فلو كان عند أبي بردة مرفوعاً لم يفت فيه برأيه بخلاف المرفوع " (¬2).
أقول: طُعن في سند هذا الحديث من وجهين:
الأول: سماع مخرمة من أبيه ومخالفته للثقات في رفعه، وهذا ينبغي أن نقف عنده بتأمل، إذ نقل الإمام أحمد عن حماد بن خالد القول:"قلت لمخرمة: سمعت من أبيك شيئاً؟ قال: لا " (¬3) وقال عبد الله بن أحمد: قال أبي:"سمعت من حماد الخياط قال: أخرج مخرمة بن بكر كتاباً فقال هذه كتب أبي لم أسمع من أبي شيئاً " (¬4) وقال ابن معين:"مخرمة بن بكير ضعيف، وحديثه عن أبيه كتاب، ولم يسمعه منه " (¬5)،وقال أبو داود:"لم يسمع من أبيه إلا حديثاً واحداً وهو حديث الوتر " (¬6).
وهكذا يتضح أن مخرمة لم يسمع من أبيه هذا الحديث ولا غيره، إلا حديث الوتر، كما نص عليه أئمة الحديث (¬7).
¬_________
(¬1) انظر شرح مسلم 6/ 141.
(¬2) فتح الباري 2/ 536.
(¬3) علل أحمد 3/ 50 (4116) و 3/ 362 (5592).
(¬4) علل أحمد 2/ 173 (1907)، وانظر صفحة 3/ 50 (4116)
(¬5) تهذيب الكمال 7/ 57 ترجمة (6421)، وانظر تأريخ الدوري عن ابن معين 2/ 554.
(¬6) مصدر سابق.
(¬7) انظر التأريخ الكبير 8/ 16، (1984) والجرح والتعديل 8/ 363 (1660)، والكامل 6/ 428 (1906)، والتقريب (6526).

الصفحة 296