كتاب الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

واعتذر العلائي للإمام مسلم روايته عن مخرمة عن أبيه فقال: " وكأنه رأى الوجادة سبباً للاتصال وقد انتقد ذلك عليه " (¬1).
قلت: ولا يسلم له القول بذلك، لأن الإمام مسلماً ينتقد الوجادة ولا يعدها متصلة، قال في التمييز:" إنما وقع في الخطأ من هذه الرواية أنه أخذ الحديث من كتاب موسى بن عقبة إليه، فيما ذكر وهي الآفة التي نخشى على من أخذ الحديث من الكتب " (¬2).
وعلى فرض سماع مخرمة هذا الحديث من أبيه فإنه وقع في مخالفة وهي رفع ما وقفه الثقات فقد أوقفه من هو أوثق منه (واصل الأحدب، وأبو إسحاق السبيعي).
وهذه علة بذاتها، ناهيك أنهم أعرف بحديثه لأنهم كوفيون مثله (¬3)،وهو مدني.
وأقول: أما تخريج الإمام مسلم فإنه أخرجه في آخر أحاديث الباب، فلعلّه أراد أن ينبه عليه كما وعد في المقدمة، أو لعله اعتبر بالاختلاف الذي وقع في طريق أبي إسحاق السبيعي، فإنه قد اختلف فيه بين وقف ورفع، إذ جاء مرة من طريق النعمان بن عبد السلام عن سفيان الثوري موقوفاً (¬4)،ومرة من طريق إسماعيل بن عمرو عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق مرفوعاً (¬5)،والحديث إذا اختلف فيه بين رفع ووقف، أو وصل وإرسال فإنه يخرج من الموازنة لاحتماله الوجهين، فتكون الموازنة بين طريق مخرمة وطريق واصل فقط.
الوجه الثاني: كون الحديث مضطرباً كما قال الدارقطني، وابن حجر، وغيرهما: إذ روي عن أبى إسحاق بأكثر من وجه: مرة مرسلاً ومرة موصولاً ومرة موقوفاً.
وروي أيضا من طريق عاصم الأحدب موقوفاً على أبي موسى وروي من طريق آخر عن أبي بردة قوله، وقد ذكر كل تلك الطرق الدارقطني في العلل 7/ 212 - 213 (1297).
¬_________
(¬1) جامع التحصيل ص275 رقم (742).
(¬2) التمييز ص188.
(¬3) انظر الجمع بين الإمامين ص227، والتتبع ص235.
(¬4) أخرجه الدارقطني في العلل 7/ 213 (1297) وعدّه غير محفوظ.
(¬5) مصدر سابق.

الصفحة 297