كتاب الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

حدثنا سفيان، قال: حدثنا الزهري، عن أبي عبيد قال: شهدت العيد مع علي بن أبي طالب فبدأ بالصلاة قبل الخطبة وقال: " إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث ".
وقال الدارقطني في التتبع: " وهذا مما وهم فيه عبد الجبار لأن الحميدي، وعلي ابن المديني والقعنبي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبا بكر بن أبي شيبة، وأبا خيثمة، وابن أبي عمر، وقتيبة، وأبا عبد الله، وغيرهم وقفوه عن ابن عيينة. واحتمل أن يكون خفي على مسلم أن ابن عيينة يرويه موقوفاً، لأنه لعله لم يقع عنده إلا من رواية عبد الجبار، ولأن الحديث رفعه صحيح عن الزهري، رفعه صالح ومعمر ويونس وابن أخي الزهري ومالك من رواية جرير والزبيدي عن الزهري. وأما البخاري فأخرجه من حديث يونس وحده، ولم يعرض لحديث ابن عيينة " (¬1).
أقول دار الحديث على سفيان بن عيينة رواه عنه عبد الجبار بن العلاء مرفوعاً، أخرجه مسلم 3/ 156 (1969)، والبيهقي 9/ 290.
وأما الموقوف فلم أقف على من رواه عن سفيان بن عيينة موقوفاً خلا الشافعي في المسند 1/ 236،والبيهقي من طريق الشافعي 9/ 290، وقد أعله الدارقطني وعده وهماً من عبد الجبار بن العلاء.
قلت: ولم أقف على من أخرجه من الطرق التي ذكرها الدارقطني (أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق ... ) (¬2).
قال الجارودي في العلل:"ورفع هذا الحديث عندي غير محفوظ في حديث ابن عيينة أخبرنا بشر بن موسى عن الحميدي قال: قلت لسفيان: أنتم ترفعون هذه الكلمة عن علي؟ فقال سفيان: لا أحفظها مرفوعة وهي منسوخة " (¬3).
أقول: إذا ثبتت رواية الجماعة كما نص الدارقطني فإن الرفع وهم لا محالة كما قال الدارقطني والقاضي عياض والنووي- رحمهم الله- قال النووي: " قال القاضي لهذا الحديث من رواية سفيان عند أهل الحديث علة فى رفعه لأن الحفاظ من أصحاب سفيان
¬_________
(¬1) التتبع ص422، وانظر بين الإمامين ص 461.
(¬2) وكذا المدخلي قال ص462: ((فلم أجدها بعد البحث عنها)).
(¬3) علل الجارودي ص94 - 95.

الصفحة 305