كتاب الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

وبالمرفوع لأنهما زيادة ثقة وهى مقبولة عند الجماهير من كل الطوائف والله أعلم " (¬1).
ورجح المدخلي المرفوع، لكون حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت فقال: " إن من خالف حماد بن سلمة وإن كانوا أكثر فقد اعترى كثرتهم ما يضعفها وذلك:
أ - لأن حماد بن زيد وإن كان ثقة إلا أنه معروف بقصر الأسانيد وبوقف المرفوع كثير الشك بتوخيه لم يكن له كتاب يرجع إليه فكان أحياناً يذكر فيرفع الحديث وأحياناً يهاب الحديث ولا يرفعه.
ب - ولأن حماد بن واقد أحد هذه الكثرة ضعيف.
ج - وفي إسناد سليمان بن المغيرة محمد بن معمر ليس بالحافظ وإن كان قد وجد له متابع لكن في الطريق إليه من لم أعرفه كما يأتي قريباً ولم أقف له على ترجمة بعد البحث الطويل.
د - أنه يستحيل أن يقال مثله من قبل الرأي " (¬2).
قلت: أما كون حماد يتوقى الحديث ويتهيب رفعه فهذا لا يعني أنه لو وقع عنده مرفوعاً لا يرفعه، لأن وقفه مع رجحان وصله أو ثبوته عنده لا يقل إثماً عن ذلك، ولو سلمنا للقول بأنه يتهيب الرفع، فكيف بآلاف الأحاديث المرفوعة منه؟.
وأما عن الكلام في حماد فلو قارنا بين الحمادين، لرأيت البون بينهما شاسعاً، فحماد بن زيد أوثق، وأحفظ، وأضبط، من ابن سلمة، وابن سلمة قد تغير بآخرة.
أما عن طريق ابن واقد، وسليمان بن المغيرة فإنهما توبعا، تابعهما معمر بن راشد كما مر، وأما عن إخراج الإمام مسلم لهذا الحديث فإن النووي وغيره لم يتنبهوا جيداً إلى نكتة إيراد مسلم له، فقد ساق مسلم الحديث في باب إثبات رؤية الباري عزّ وجل في الآخرة، فذكر في أول الباب حديث أبي موسى الأشعري 1/ 163 (180)، وهو الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري (4878)،و (4879) و (7444)، وصححه الترمذي (2528)، ثم أتبعه بحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب، المرفوع من طريق حماد بن سلمة، فهذه متابعة حسب. ولعله ارتضاها على ضعف الرفع فيها لأن مثلها لا يقال فيها بالرأي، فالحكم فيها حكم المرفوع، وإن كان الصواب فيها الوقف، وقد رجح الموقوف أستاذنا الدكتور بشار عواد في تعليقه على الترمذي (¬3).
¬_________
(¬1) مصدر سابق.
(¬2) بين الإمامين ص36.
(¬3) جامع الترمذي (2552)، وانظر سنن ابن ماجة بتحقيقه (187).

الصفحة 310