كتاب الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

يورده الصحة.
وقد سبقني إلى هذا الدكتور محمد سعيد حوى في بحثه (مقولات أبي داود النقدية في كتاب السنن)، ولم يذكر لنا الشيخ هناك منهج أبي داود في قبول الزيادة أو ردها، وإنما اكتفى بذكر الأمثلة التي ساقها مناقشاً أبا داود فيها. والأمثلة التي ذكرها كانت تدلل بوضوح على أن أبا داود لم يكن يقبل الزيادة بمفهوم - المتأخرين - فمثلاً ذكر في بحث زيادة الثقة أقسام الزيادة التي ذكرها أبو داود في سننه، وهي:
أولاً: ما رجح أبو داود أنها غير محفوظة وهي كذلك، وساق الأمثلة.
ثانياً: ما رجح أبو داود أنها غير محفوظة والراجح خلاف ذلك، وساق الأمثلة.
وهذا المنهج لا يسلم للباحث وإنما الصواب أن نحاكمه إلى منهجيته في القبول أو في الرد، ولا نحاكمه على قواعد غيره.
ثالثاً: زيادات لم يصرح برأيه فيها والراجح أنها غير محفوظة.
رابعاً: ما سكت عن بيان رأيه فيها والراجح أنها محفوظة (¬1).ولم يذكر في هذا مثلاً نستهدي به على رجحان حفظها.
ومِنْ ثَمَّ، فإنني لم أقف على مثال واحد - بعد البحث والتحري- ينطبق عليه مفهوم الزيادة عند المتأخرين.
بل الذي توصلت إليه استقراءاً أنَّ أبا داود لا يقبل الزيادة - موضوع البحث - بل يعد ذلك إعلالاً للحديث، وفيما يأتي بعض أمثلة ذلك:
1 - قال أبو داود (281):حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير عن سهيل يعني بن أبي صالح، عن الزهري، عن عروة بن الزبير قال: حدثتني فاطمة بنت أبي حبيش أنها أمرت أسماء، أو أسماء حدثتني أنها أمرتها فاطمة بنت أبي حبيش أن تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل ".
قال أبو داود: ورواه قتادة عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أم سلمة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تدع الصلاة أيام إقرائها ثم تغتسل وتصلي.
¬_________
(¬1) مقولات أبي داود ص375، وقد استفاد من الأمثلة الشيخ سعيد عزاوي في رسالته " زيادة الراوي " فسار على منهجه حذو القذة بالقذة؟.

الصفحة 322