كتاب الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

الكتاب " (¬1).
ومن هنا ندرك خطأ من خطّأ ابن خزيمة في إيراده لأحاديث ضعيفة ومعلولة في " صحيحه " - كما يسمونه -، لأن ابن خزيمة لم يكتب كتاباً في الصحيح فقط، وإنما ضمن كتابه بعض الأحاديث المعلولة التي بين علتها.
وإنما يعرف مذهب ابن خزيمة في قبول زيادة الثقة أو ردها من دراسة الأحاديث التي ساقها في صحيحه فقد وجدناه يسير على منهجية أقرانه من المتقدمين فهو يقبلها على شروطهم (¬2) ويعلل تفرد الثقة بزيادة متن أو إسناد ينفرد بها عن الجماهير الثقات، في الشيخ نفسه، ويردها.
وسأذكر بعض الأمثلة التي توضح ذلك:
1 - قال في (2319) و (2419):"حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا ابن علية عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام، عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح قال: قال أبو سعيد، وذكروا عنده صدقة رمضان فقال:"لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاع تمر أو صاع حنطة أو صاع شعير أو صاع إقط، فقال له رجل من القوم: أو مدين من قمح؟ فقال: لا، تلك قيمة معاوية لا أقبلها، ولا أعمل بها.
قال أبو بكر: ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، ولا أدري ممن الوهم ".
أقول: دار الحديث على محمد بن إسحاق رواه عنه جماعة:" عبدة وغيره "دون زيادة- صاع حنطة - كما قاله أبو داود (1616)، وعدها غير محفوظة.
ورواه إسماعيل بن علية عن ابن إسحاق بالسند نفسه فزادها: أخرجه ابن خزيمة (2319) - وعدها غير محفوظة -، وابن حبان 8/ 98 (3306)، والحاكم 1/ 570 وصححها، والدارقطني 2/ 145، والبيهقي 4/ 165.
ورواه أبو داود (1617) من طريق مسدد عن ابن علية -دونها -.
وقد توبع ابن إسحاق تابعه يزيد بن الهاد عن عبد الله _ دون الزيادة -: أخرجه
¬_________
(¬1) صحيح ابن خزيمة 3/ 236 (1984).
(¬2) انظر مثلاً صحيح ابن خزيمة 9/ 394 (4083)، إذ صحح المرسل والمتصل لما تكافأ الطرفان وانظر ص 208 من بحثنا هذا.

الصفحة 352