كتاب البصيرة في الدعوة إلى الله

قال ابن كثير رحمه الله: " والمقصود من هذه الآية: أن تكون فرقة من الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان واجبًا على كل فرد من الأمة بحسبه " (¬1) .
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة، فكفى بها شرفا وعزا وفخرا!! .
ومن شرط صحة هذه الدعوة أن تكون على بصيرة كما بين الله تعالى ذلك في كتابه، حيث قال: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108] (¬2) .
والبصيرة هي: العلم الشرعي المؤصل المبني على الدليل من الوحي المنزل من عند الله تعالى، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، والفهم لمراد الله تعالى فيما أنزله، أي: على علم ويقين وبرهان شرعي وعقلي فيما يدعو إلى فعله، وفيما يدعو إلى تركه، وفي أسلوب الدعوة، وفي حال المدعوين، وسلوك الطريق الصحيح في ذلك.
وأي دعوة تخلو من هذا الشرط وهو: البصيرة فإنها دعوة مهلهلة أساسها غير متين، سرعان ما ينهار ويتقوض فيخر السقف من فوقه.
ولذلك سمى الله تعالى العلم بصيرة؛ لأنه يحصل به الصواب، ويتبين به الحق، وتقوم به الحجة، ويردع به الباطل، ويمكن لصاحب البصيرة أن يُوصل الحق إلى من يستحقه.
وفي الواقع أننا في هذا الوقت نلمس حماسة للإسلام - ولله الحمد - من قبل كثير من المسلمين، وهناك رجوع إلى الدين، وإنه لأمر يثلج صدر كل مسلم، خاصة في ظل تداعيات عالمية وحرب تشن على الإسلام بلا هوادة من أعدائه وكثير من أدعيائه، مما أفرز في هذا الاتجاه الطيب قيام كثير من المتحمسين من أهل الإسلام بالدعوة إلى الله تعالى، وذلك بأساليب
¬_________
(¬1) تفسير القرآن العظيم (2 / 117) .
(¬2) يوسف: 108.

الصفحة 13