كتاب البصيرة في الدعوة إلى الله

مختلفة ووسائل متعددة أثمرت في بعض جوانبها نتائج طيبة - ولله الحمد والمنة - إلا أن كثيرا من هذه الدعوات بسبب الحماسة والاستعجال في تبليغ الدين وعدم التسلح بالعلم وقعت في أخطاء جسيمة وأرزاء كبيرة، وإن كان كثير منها يقرب من الحق كثيرا؛ فإنه - والحالة هذه - يلزم أهل الاختصاص تصحيح هذه الأخطاء وتثبيت المفاهيم الصحيحة؛ ليستقيم المسار، ولتتضح الرؤية، حيث كان لهذه الأخطاء عواقب وخيمة ونتائج سيئة أثرت سلبا على مستقبل الدعوة إلى الله تعالى، وجعلت المتربصين بهذا الدين يحققون أشياء ليست بالقليلة من أهدافهم.
وبالتتبع والنظر أجد أن سبب ذلك: فقدان شرط البصيرة في الدعوة إلى الله تعالى، وبفقدان هذا الشرط لا تَسلْ عن الأخطاء والمخالفات التي تقع من المشتغلين بهذا الأمر؛ لأن البصيرة هي الميزان الذي يزن به الداعية الأمور، ويقدر الأشياء، ولذلك نجد أن أغلب الدعوات الموجودة على الساحة إنما هي إفراز البيئة العاطفية المحضة؛ مما جعل للعقل العاطفي دورا كبيرا في أن يكون حكمًا على كثير من رموز تلك الدعوات وأتباعها ومناهجها، فأخذت تطوح بهم ذات اليمين وذات الشمال مما أوقع الكثير منهم في أخطاء جوهرية وشكلية ما يزال الناس يعانون من آثارها ونتائجها الوخيمة.
وغالب من يكتب في موضوع الدعوة إلى الله تعالى لا يشبعون مسألة البصيرة بحثا وتقسيما وتفريعا؛ ولذلك تجد غالب المصنفات في هذا الجانب لا تُربي - في تقديري - دعاة يُمكن أن يعتمد عليهم بعد الله تعالى؛ لأن الدعوة إلى الله تعالى ليست مجرد حركة وذهاب وإياب بقدر ما هي اتباع لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن سار على منهجهم وطريقتهم من أهل العلم والدين.
فمن هذا المنطلق أحببت أن أساهم في هذا الموضوع والذي اخترت أن يكون عنوانه: " البصيرة في الدعوة إلى الله " لتبصير نفسي والعاملين في حقل الدعوة إلى الله تعالى بالأمور التي يجب على الداعية أن

الصفحة 14