كتاب البصيرة في الدعوة إلى الله

فصل
فيما يدعو إليه الداعية من البصيرة في الدعوة إلى الله تعالى: أن يكون الداعية (¬1) إلى الله على علم فيما يدعو إليه، فإن من دعا الناس بجهل فقد خالف أمر الله تعالى بالدعوة إليه على بصيرة وعلم.
قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] (¬2) .
ولقد سمى الله تعالى العلم بصيرة؛ لأنه يحصل به الصواب، ويتبين به الحق، وتقوم به الحجة، ويردع به الباطل، ولهذا كان أول ما نبئ به النبي صلى الله عليه وسلم هو قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ - خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ - اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ - الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ - عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5] (¬3) .
فكانت هذه الآيات الكريمات المباركات أول اتصال بين السماء والأرض في الإسلام، لتُبين فضل العلم، وأنه لا نجاح ولا فلاح إلا بالعلم، وهي رحمة رحم الله بها عباده، ونعمة أنعم الله بها عليهم.
¬_________
(¬1) الداعية والداعي لغة صحيحة، تقول العرب: رجل داعية، أي: يدعو إلى دين، وأدخلت الهاء فيه للمبالغة. انظر: لسان العرب (6 / 97) ، ومختار الصحاح (1 / 86) .
(¬2) يوسف: 108.
(¬3) العلق 1 - 5.

الصفحة 21