كتاب البصيرة في الدعوة إلى الله

ولذلك تجدهم من أكثر الناس ثباتا، وألينهم عريكة، وأوسعهم أفقا، وفي التاريخ القريب والبعيد خير شاهد على ما أقول.
وفي الفتن تجد هذا الصنف على طول الزمان من أوفق الناس تعاملا معها، وإعمالا لقواعد المصالح والمفاسد، وفهما للوسائل والمقاصد، فدعوتهم كشجرة أصلها ثابت، وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
فعلى الداعية إلى الله تعالى الانقياد التام، والتسليم الكامل للنبي صلى الله عليه وسلم، وتقديم قوله ومنهجه ورأيه على قول كل أحد من البشر، وأن يجعل هواه تبعا لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] (¬1) .
¬_________
(¬1) النساء: 65.

الصفحة 48