كتاب البصيرة في الدعوة إلى الله

الطيبات ويحرم الخبائث، كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ - الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 156 - 157] (¬1) .
وقد أمر الله الرسول صلى الله عليه وسلم بكل معروف، ونهى عن كل منكر، وأحل كل طيب، وحرم كل خبيث، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال: «إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم» (¬2) وثبت عن العرباض بن سارية قال: «وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، قال: فقلنا: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: أوصيكم بالسمع والطاعة؛ فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» (¬3) .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا قد أمرتكم به، وما تركت شيئا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه» (¬4) . وقال: «تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك» (¬5) .
¬_________
(¬1) الأعراف: 156 - 157.
(¬2) رواه مسلم في " الصحيح " (12 / 233) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
(¬3) صحيح أخرجه: أبو داود (5 / 13) ؛ والترمذي (4 / 408) وقال: " حديث حسن صحيح "، وابن ماجه (1 / 15) .
(¬4) صحيح أخرجه الشافعي في الرسالة (ص (289 و 306) ، والمسند (2 / 413) ، والبغوي في شرح السنة (14 / 303) ، وانظر: الصحيحة (1803) .
(¬5) صحيح أخرجه: ابن ماجه (1 / 16) ، وأحمد في المسند (4 / 126) عن العرباض بن سارية رضي الله عنه.

الصفحة 51