كتاب البصيرة في الدعوة إلى الله

الأسماء التي لم يحدها الشارع بحد، ولا لها حد واحد يشترك فيه جميع اللغة " (¬1) .
فمعرفة دلالات الألفاظ على المعاني ومباحث الألفاظ والدلالة والحقيقة والمجاز المبسوطة في كتب الأصول وتحريها في مرتبة الضرورة للداعية، وهي تزيد من قيمته، لأنه بهذا المنهج يستطيع أن يتعامل مع الوقائع والأحداث الفردية والعامة، والحوادث، والنوازل، بكل يسر وسهولة، ولا خوف عليه، إنما الذي يخشى عليه من يفقد هذا النوع من الفقه؛ فإن أحكامه في الغالب تأتي مشلولة أو متناقضة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية ترد إليها الجزئيات؛ ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت؟ وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات، فيتولد فساد عظيم " (¬2) .
ويظهر مما سبق ذكره أن من أكثر المجالات التي يحتاج فيها الداعية إلى ضبط ألفاظها ومصطلحاتها هو المجال الفقهي؛ ذلك لأن أكثر أحوال الناس وأعمالهم منضبطة بالشرع من الناحية العملية، لما يترتب عليه من إصدار الفتاوى.
وأيضا مما ينبغي على الداعية التبصر به في هذا الباب المصطلحات العصرية، والألفاظ الدارجة على ألسنة العامة أو أصحاب الاختصاصات، وتخريجها على القواعد والأصول المعروفة في كتب الفقه؛ لأنه لا يمكن أن يكون المرء فقيها بحق إلا بمعرفة هذه الأشياء التي قد تتعلق بالطلاق، والأيمان، وفي العقود، والمعاملات، والسندات، والعولمة، وغيرها كثير.
ولذلك يعظم قدر الداعية إلى الله ويشرف بقدر إحاطته بالنصوص الشرعية، وتتبع أقوال السلف فيها، وإلمامه بالقواعد والضوابط والأصول
¬_________
(¬1) مجموع الفتاوى (19 / 235) .
(¬2) مجموع الفتاوى (19 / 203) .

الصفحة 69