كتاب الجموع البهية للعقيدة السلفية

ثمَّ درس بَقِيَّة الْعُلُوم على جمع من الْعلمَاء مِنْهُم الشَّيْخ مُحَمَّد بن صَالح الْمَشْهُور وَالشَّيْخ مُحَمَّد الأفرم، وَالشَّيْخ أَحْمد عمر، وَالشَّيْخ مُحَمَّد زَيْدَانَ، وَالشَّيْخ مُحَمَّد النعمه، وَالشَّيْخ أَحْمد بن مود، وَغَيرهم، فقد أَخذ عَنْهُم: النَّحْو وَالصرْف، وَالْأُصُول، والبلاغة، وَالتَّفْسِير، والْحَدِيث، أما الْمنطق وآداب الْبَحْث والمناظرة فَيَقُول أَنه حصله بالمطالعة.
قَالَ الشَّيْخ - رَحمَه الله ـ: لما حفظت الْقُرْآن وَأَخَذْتُ الرَّسْمَ الْعُثْمَانِيَّ وَتَفَوَّقْتُ فِيهِ عَلَى الْأَقْرَانِ عُنِيَتْ بِي وَالِدَتِي وَأَخْوَالِي أَشَدَّ عِنَايَةٍ وَعَزَمُوا عَلَى تَوْجِيهِي لِلدِّرَاسَةِ فِي بَقِيَّةِ الْفُنُونِ فَجَهَّزَتْنِي وَالِدَتِي بِجَمَلَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ مَرْكَبِي وَكُتُبِي وَالْآخِرُ عَلَيْهِ نفقتي وزادي وصحبني خَادِم وَمَعَهُ بقرات وَقد هيئت لي مركبي كأحسن مَا يكون الْمركب، وَمَلَابِسَ كَأَحْسَنِ مَا تَكُونُ فَرَحًا بِي وَتَرْغِيبًا لي فِي طلب الْعلم.
تورعه عَن الْفَتْوَى:
وَكَانَ الشَّيْخ ـ رَحمَه الله ـ يتورع عَن الْفَتْوَى إِلَّا فِي شَيْء فِيهِ نَص من كتاب أَو سنة، قَالَ ابْنه الشَّيْخ عبد الله: جَاءَهُ وَفد من الكويت فِي أَوَاخِر حَيَاته فَسَأَلُوهُ فِي مسَائِل فَقَالَ أُجِيبكُم بِكِتَاب الله، ثمَّ جلس مستوفزا وَقَالَ: الله أعلم، " وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ " لَا أعلم فِيهَا عَنِ اللَّهِ، وَلَا عَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا، وَكَلَام النَّاس لَا أَضَعهُ فِي ذِمَّتِي فَلَمَّا ألحوا عَلَيْهِ قَالَ: فلَان قَالَ كَذَا وَفُلَان قَالَ كَذَا، وَأَنا لَا أَقُول شَيْئا.
قَالَ الشَّيْخ عَطِيَّة وَسَأَلته عَن تَركه للْفَتْوَى فَقَالَ: يجب التحفظ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ قَاطِعٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَيَتَمَثَّلُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِذَا مَا قَتَلْتَ الشَّيْءَ عِلْمًا فَقُلْ بِهِ ... وَلَا تَقُلِ الشَّيْءَ الَّذِي أَنْتَ جَاهِلُهْ
فَمَنْ كَانَ يَهْوَى أَنْ يُرَى متصدرا ... وَيكرهُ لَا أَدْرِي أُصِيبَت مقاتله

الصفحة 6