كتاب الجموع البهية للعقيدة السلفية

بَطْنِ أُمِّهِ كَافِرًا، وَخَلَقَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فِي بطن أمه مُؤمنا» (¬1) .
وَبِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ أَوْ بَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ أَوْ بَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا» (¬2) .
وَقَالَ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: تَعَلَّقَ الْعِلْمُ الْأَزَلِيُّ بِكُلِّ مَعْلُومٍ. فَيَجْرِي مَا عَلِمَ وَأَرَادَ وَحَكَمَ.
الثَّانِيَةُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ: وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ ثُمَّ كَفَرُوا وَآمَنُوا. قَالُوا: وَتَمام الْكَلَام: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، ثُمَّ وَصَفَهُمْ فَقَالَ: {فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ} .
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَى بَطْنِهِ} ، قَالُوا فَاللَّهُ خَلَقَهُمْ وَالْمَشْيُ فِعْلُهُمْ.
وَاخْتَارَهُ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَوْ خَلَقَهُمْ كَافِرِينَ وَمُؤْمِنِينَ لَمَا وَصَفَهُمْ بِفِعْلِهِمْ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ على الْفطْرَة» (¬3) الحَدِيث اهـ.
¬_________
(¬1) - أخرجه الطَّبَرَانِيّ (10/224) (10543) ، واللالكائي فِي "اعْتِقَاد أهل السّنة" (3/573) (1019) من حَدِيث ابْن مَسْعُود، وَقَالَ الهيثمي فِي "الْمجمع" (7/193) : رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ، وَإِسْنَاده جيد.، والْحَدِيث صَححهُ بالطرق الشَّيْخ الألباني - رَحمَه الله - وَانْظُر الصَّحِيحَة (1831) .
(¬2) - أخرجه البُخَارِيّ (3/1174) (3036) ، وَمُسلم (4/2036) (2643) من حَدِيث ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ -.
(¬3) - أخرجه البُخَارِيّ (1/456) (1293) ، وَمُسلم (4/2047) (2658) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

الصفحة 702