كتاب الجموع البهية للعقيدة السلفية

لَهُمْ، وَأَمَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ لِلْعَامَّةِ فَيَأْتِي بِعَجَائِبَ، يَقُولُونَ: هَذَا فَتْحٌ مِنَ الْعِلْمِ اللَّدُنِّيِّ عَلَى الْخَضِرِ.
حَتَّى إِنَّ مَنْ يَنْتَمِي إِلَى الْعِلْمِ، لَمَّا رَأَى رَوَاجَ هَذِهِ الطَّائِفَةِ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ، وَنَقَلَ كَثِيرًا مِنْ حِكَايَاتِهِمْ، وَمَزَجَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ مِنَ الْعِلْمِ طَلَبًا لِلْمَالِ وَالْجَاهِ وَتَقْبِيلِ الْيَدِ. وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِطَاعَتِهِ. اهـ بِحُرُوفِهِ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَعْظَمِ مَا افْتَتَنَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ مَعًا.
أَمَّا فِي دِينِهِمْ: فَهُوَ الْغُلُوُّ الَّذِي نَهَى عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صِيَانَةً لِلتَّوْحِيدِ، مِنْ سُؤَالِ غَيْرِ اللَّه.
وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ الْكَثِيرَ مِنْ هَؤُلَاءِ يَتْرُكُونَ مَصَالِحَ دُنْيَاهُمْ مِنْ زِرَاعَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ صِنَاعَةٍ، وَيَطُوفُ بِتِلْكَ الْأَمَاكِنِ تَارِكًا وَمُضَيِّعًا مَنْ يَكُونُ السَّعْيُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ.
مِمَّا يَلْزَمُ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمَانٍ، أَنْ يُرْشِدُوا الْجَهَلَةَ مِنْهُمْ، وَأَنْ يُبَيِّنُوا لِلنَّاسِ عَامَّةً خَطَأَ وَجَهْلَ أُولَئِكَ، وَأَنَّ الرَّحِيلَ لتِلْك الْقُبُور لَيْسَ من سنة الرُّسُل صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَلَا كَانَ مِنْ عَمَلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَلَا مِنْ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ، وَلَا مَنْ عَمَلِ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ رَحِمَهُمُ اللَّه.
وَإِنَّمَا كَانَ عَمَلُ الْجَمِيعِ زِيَارَةَ مَا جَاوَرَهُمْ مِنَ الْمَقَابِرِ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِمْ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ، وَالِاتِّعَاظِ بِحَالِهِمْ، وَالِاسْتِعْدَادِ لِمَا صَارُوا إِلَيْهِ.
نَسْأَلُ اللَّهَ الْهِدَايَةَ وَالتَّوْفِيقَ، لِاتِّبَاعِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالِاقْتِفَاءِ بآثار سلف الْأمة، آمين.] (¬1) .
¬_________
(¬1) - 9/476 - 477، التكاثر / 2.

الصفحة 720