كتاب السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم
بقوله: أن المرادَ بالإجابة في الدعوة المذكورة القطع بها، وما عدا ذلك من دعواتهم فهو على رجاء الإجابة، فحالهم فيها بينَ الرجاء والخوفِ (¬1) .
وكذا من قال: إن المراد بأنَّ لكلٍّ منهم دعوةً عامةً مستجابةً في أمته، إما بإهلاكهم وإما بنجاتهم، وأما الدعوات الخاصة فمنها ما يُستجاب، ومنها ما لا يُستجاب.
وبالجملة فالمقام خطِرٌ، وإذا كان ورَد في حقِّ المسلمين قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من رجلٍ مسلمٍ دعا اللهَ بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةٌ، إلا أعطاه بها إحدى خصالٍ ثلاثٍ: إما أن يُعجّل له دعوَته، وإما أن يدّخر له في الآخرةِ، وإما أن يدفعَ عنه من السوء مثلها» (¬2) .
¬_________
= والجركاني في «جزئه» (رقم 12) ، وأبو عوانة (1/90) ، والبغوي (1235- 1237) ، والفسوي (1/400) ، والبيهقي (8/17) ، وفي «الشعب» (313) ، و «الأسماء والصفات» (ص 213) ، واللالكائي في «السنة» (رقم 1767- 1768، 2039- 2041) من حديث أبي هريرة.
(¬1) انظر في تقرير معنى الحديث: «لكل نبي ... » : «مجموع فتاوى ابن تيمية» (8/336) ، «الموافقات» (5/310-314- بتحقيقي) ، وفيه تقرير الشاطبي بناءً على رواية صحيحة للحديث بلفظ: «اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي ... » . أخرجه أحمد (1/281، 295) ، والطيالسي (2711) ، وأبو يعلى (2328) في «مسانيدهم» ، وابن شاهين في «جزء من حديثه» (رقم 15) ، والبيهقي في «لدلائل» (5/481) بسندٍ جيد من حديث ابن عباس. صحة الإيثار في أمور الآخرة، إذ كان إنما يدعو بدعوته التي أُعطيها في أمر من أمور الآخرة لا في أمور الدنيا، ويعكر على هذا أن دعوته - صلى الله عليه وسلم - ليست مخصوصة به، بل لأمته، فلا يحصل فيها معنى الإيثار المذكور.
وانظر لتأكيد توجيه المصنف: «الأجوبة المرضية» للمصنف (3/1121- 1122) ، «السلسلة الصحيحة» (2538) .
(¬2) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد « (710) ، وابن أبي شيبة في «المصنف» (10/201) ، ومن طريقه وغيره: ابن عبد البر في «التمهيد» (5/343-344، 344، 345) ، وأحمد (3/18) ، وعبد ابن حميد في «المنتخب» (937) ، والطحاوي في «المشكل» (2/336 رقم 882- ط. مؤسسة الرسالة) ، وأبو يعلى في «المسند» (1019) ، والطبراني في «الدعاء» (35، 36، 37) ، و «المعجم الصغير» (2/92) ، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (3406) ، وابن شاهين في «الترغيب والترهيب» =