كتاب السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم
بقوله: «إن المكثرين هم الأقلُّون يوم القيامة» ، وفي رواية: «هم الأخسرون» (¬1) .
وفي لفظٍ: «هلك المُثرُون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا -فحثى بين يديه وعن يمينه وعن شماله- وقليلٌ ما هم» (¬2) .
وأيضاً فالناس مُختلفون، فمنهم من تُصلِحه الدنيا ويصلُح عليها، ولا يزدادُ بها إلا فضلاً وتواضعاً، كما نشاهده في أفرادٍ.
وقد كان قيس بن سعد الأنصاري -رضي الله عنهما- يقول: اللهم ارزقني مالاً وفِعالاً، فإنه لا يَصلح المالُ إلا بالفِعال، ولا الفِعالُ إلا بالمال، اللهم إنه لا يصلحني القليل، ولا أصلح عليه (¬3) .
وهذا هو الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: «إن الجود من شيمةِ أهل ذلك البيت» (¬4) .
ويُروى عن الحسن والحسين أنهما قالا لعبد الله بن جعفر -رضي الله عنهم-: إنك قد أسرفت في بذل المال. فقال: بأبي أنتما وأمي، إن الله قد عوَّدني أن يتفضّل عليَّ، وعوّدتُه أن أتفضّل على عباده، فأخاف أن أقطعَ العادةَ فيقطع عني (¬5) .
وقال المأمون لمحمد بن عباد المهلبي: أنت مِتلافٌ، فقال: مَنْعُ الجودِ سُوءُ الظنِّ بالمعبود (¬6) .
وقال أكثم بن صيفي حكيم العرب: «ذلِّلوا أخلاقَكم للمطالِب، وقودوها للمحامل، وعلِّموها المكارم، ولا تقيموا على خُلقٍ تذمَّونه من غيركم، وصِلوا من
¬_________
(¬1) مضى تخريجه (ص 136) .
(¬2) مضى تخريجه (ص 137) .
(¬3) مضى تخريجه (ص 141) .
(¬4) مضى تخريجه (ص 141) .
(¬5) مضى تخريجه (ص 143) .
(¬6) مضى تخريجه (ص 143) .