كتاب المناهل السلسلة في الأحاديث المسلسلة

عن زهير بن محمد، قال الحافظ: قلت الوليد بن مسلم أوثق من عبد الملك بن محمد الصنعاني - انتهى. فذلك اختلاف غير قادح إذ لا يلزم من مجرد الاختلاف اضطراب يوجب الضعف لجواز أن يكون الحديث عند الوليد عنهم جميعا، يوضحه أنه صرح بالتحديث في اثنين منهم وهو ثقة، وأما الاضطراب الموجب للضعف فإنما يتحقق إذا كان الرواة متعادلين في الحفظ والثقة، وهنا ليس كذلك فإن رواية الوليد عند الترمذي إنما هي عن شعيب بن أبي حمزة وهو ثقة.
وأما روايته عند أبي الشيخ فعن زهير بن محمد وقد قال: في التقريب رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها. وقال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه - انتهى. والوليد بن مسلم شامي فمقتضى القواعد ترجيح رواية الترمذي على رواية أبي الشيخ، وكذا على رواية ابن ماجه وغيره من طرق عبد الملك الصنعاني لقول ابن حجر: أن الوليد أوثق من عبد الملك فلا اضطراب قادحا، وأما تدليسه فإنه ثقة. وقد صرح بالتحديث في روايته عن سعيد بن عبد العزيز، وهو ثقة فهو شاهد للطريق المعنعنة على فرض وقوع التدليس فيها، وله تابع من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند أبي عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية وقد أسندناه عنه.
وأما احتمال الإدراج فاحتمال بعيد لأن من ذهب إلى أن التعيين مدرج إنما استدل عليه بخلو أكثر الروايات عنه ولا دليل في ذلك، إذ غاية ما يلزم فيه تفرد الأوثق الأحفظ بزيادة هو أكثر عددا، ومجرد ذلك لا يدل على الإدراج لأنهم صرحوا بأن زيادة الثقة إذا لم تكن منافية مقبولة، وإن كان الساكتون عنها أكثر عددا أو بأن الأصل عدم الإدراج، فلا يصار إليه إلا إن وضح بالدلائل القوية أن تلك الزيادة

الصفحة 323