كتاب المناهل السلسلة في الأحاديث المسلسلة

وذكر المزي أيضا أنه حضر يوم الدار وله أربع عشرة سنة، ومن المعلوم أنه لما بلغ سبعا أمر بالصلاة فكان يحضر الصلاة فيصلي خلف عثمان رضي الله عنه، إلى أن قتل عثمان رضي الله عنه، وعلي رضي الله عنه إذ ذاك بالمدينة فإنه لم يخرج منها إلى الكوفة إلا بعد شهادة عثمان رضي الله عنه، فكيف يستنكر سماعه منه وهو يجتمع كل يوم معه في المسجد خمس مرات، من حين ميز إلى أن بلغ أربع عشرة سنة، ولا شك أن عليا رضي الله عنه كان يزور أمهات المؤمنين ومنهن أم سلمة رضي الله عنها والحسن في بيتها هو وأمه، وذكر الزين العراقي قال علي بن المديني: الحسن رأى عليا بالمدينة وهو غلام، وقال أبو زرعة: كان الحسن يوم بويع لعلي ابن أربع عشرة سنة ورأى عليا بالمدينة، ثم خرج إلى الكوفة والبصرة ولم يلقه الحسن بعد ذلك. وقال الحسن: رأيت الزبير يبايع عليا - انتهى.
قال السيوطي: يحمل قول النافي على ما بعد خروج علي من المدينة ولئن تنزلنا إلى اعتداد قول المنكر، فقد اجتمع قول بإنكار السماع وقول بثبوته، والقاعدة الأصولية بتقديم المثبت على النافي لأن مع المثبت زيادة علم تقتضى ترجيح القول بالثبوت على القول بالإنكار، وعلى تقدير الإنكار فقد صحب الحسن البصري كميل بن زياد وهو صحب علي بن أبي طالب رضي الله عنه من غير خلف في صحبته بين أئمة الجرح والتعديل، وكذا وقع له اتصال بأويس القرني وهو اجتمع بعمر وعلي رضي الله عنهما وهذه لا مطعن فيها على مذهب المحدثين، وإلا فالصوفية يكتفون بوجود التربية ولو من روحانية شيخ، كما ذكرنا في أخذ الكركاني عن أبي يزيد، وأخذ أبي يزيد عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه - والله أعلم.

الصفحة 363