كتاب المناهل السلسلة في الأحاديث المسلسلة

فيه خاصية النماء والقوت، وطريق الصحبة متصل بالنبي صلى الله عليه وسلم فمن وصل نفسه بقوم اتصل بهم برحمة أرحم الراحمين، ومن تشبه بقوم فهو منهم والمرء مع من أحب. وقال في الذين يلبسون الخرقة من أيدي الصالحين البركة لأن من نظروا إليه فاضت بركاتهم عليه، بل تسري بركاتهم عليه من وجوه حتى من جماد وقع نظرهم عليه أو لمسوه.
(وأما التلقين): فسره عند الخواص أن يخلعوا على المريد الصادق في حال تلقينه علوم جميع الشرائع المنزلة حتى يصير لا يجهل حكما من أحكام جميع الأنبياء، فضلا عن أحكام شريعة محمد صلى الله عليه وسلم هذا شرطه عندهم كما قاله الفاسي، قال: وأما تلقين غيرهم فإنما هو على سبيل التبرك والتشبه بالقوم، والسر فيه ارتباط القلوب بعضها إلى بعض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى، ولذلك كان الإنسان إن لم يقل لا إله إلا الله امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحكم بإسلامه، ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ونحو ذلك من الأحاديث قال: وأقل ما يحصل للمريد الصادق إذا دخل في سلسلة القوم بالتلقين أنه إذا حرك حلقة نفسه تجاوبه أرواح الأولياء من شيخه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حضرة الله تعالى، فمن لم يدخل في طريقهم بذلك فهو غير معدود منهم، ولا يجبيه أحد إذا تحرك لم يجبه أحد - انتهى. وقال نحوه سيدي محمد المنير السمهودي وغيره.
(الأمر الرابع): لا تظن من ظاهر قول الفاسي المعتبر في لبس الخرقة كثرة المشائخ أن هذا القول على إطلاقه، وفي الأخذ عن مشائخ متعددين فإنه ليس كذلك، فإن الشيخ شيخان شيخ التربية والتحكيم وشيخ الصحبة والتبرك، فشيخ التربية لا يجوز تعدده وبالغ الشيخ الأكبر

الصفحة 368